في كل يوم، نكتب عديد الرسائل: رد على استفسار، توضيح طلب، أو في محادثة خدمة جديدة. نكتبها ونظن أن أثرها ينتهي عند إرسالها. لكن، ماذا لو علمت أن كل رسالة تكتبها تُكتب لك قبل أن تُكتب عليك؟ وأنها ليست مجرد كلمات، بل قد تكون جزءاً من رزقك، بل وربما أجرك في رمضان؟
في العمل الحر، الكلمة تُبنى بها علاقة مهنية كاملة. كلمة طيبة مع عميل جديد قد تتحول إلى علاقة دائمة، وردّ هادئ على عميل "صعب" قد يُنقذك من تقييم سيئ. نحن في عالم لا نرى فيه عملاءنا وجهاً لوجه، لكن رسائلنا هي وجوهنا وأخلاقنا وانطباعنا الأول والأخير.
سأذكر موقفاً حدث معي هذا رمضان. كنت قد أنهيت صيام يوم طويل ومليء بالعمل في المستشفى، وتلقيت رسالة من عميل أسلوبه لم يكن لطيفاً، يطلب تعديلات عديدة على سيرته الذاتية، رغم أن هذه التعديلات، من خبرتي، قد تضر بمصلحته وتضعف من جودة سيرته أمام جهات التوظيف. للحظة فكرت أن أشرح له الأمر بنبرة حادة وأغلق النقاش سريعاً. لكنني توقفت، وأعدت قراءة رسالته بهدوء، ثم صغت ردي بلغة هادئة، وضحت له فيها ملاحظاتي، ولم أنسَ أن أضع له الخيار النهائي باحترام كامل. المفاجأة أن العميل عاد برسالة شكر، واعترف بأنه لم ينتبه لما أشرت إليه.
وقفت مع نفسي بعدها وتذكرت قول النبي ﷺ: "والكلمة الطيبة صدقة." فكيف لا أُجعل من كل رسالة عملاً أرجو به الأجر، خاصةً في رمضان، شهر الكلمة الطيبة والنية الطاهرة؟
اختر كلماتك بعناية. لا تكتب بنية الرد فقط، بل بنية أن تترك أثراً طيباً يُكتب لك، لا عليك..