عن الذين يزرعون الحدائق في أراضي الغرباء.. رسالة إلى ظلك الرقمي
هل فكرت يوماً، وأنت تضغط على زر "إرسال" لتسليم عملٍ ما، أنك لا ترسل مجرد ملف؟ دعنا نتجاوز الحديث المعتاد عن الجودة والتقييمات والنجوم الخمس. دعنا نتحدث عن تلك اللحظة السحرية، اللحظة التي تتحول فيها نبضات كهربائية تسري في أطراف أصابعك إلى "فكرة" تعيش في عقل شخص آخر، ربما يبعد عنك آلاف الأميال، وربما لن تلتقي به أبداً.
*نحنُ.. سُعاة البريد للأحلام المؤجلة
في هذا العالم الرقمي المزدحم، نحن لا نبيع خدمات. هذا توصيف قاصر جداً وظالم لأرواحنا. نحن في الحقيقة "مرممون". أنتَ حين تكتب مقالاً لمدونة شخص لا تعرفه، أنت تمنحه صوتاً كان يبحث عنه ولم يجده في حنجرته. وحين تصمم شعاراً لمشروع ناشئ، أنت لا ترسم خطوطاً وألواناً، بل تمنح "الهوية" لحلم شخص خاف طويلاً أن يخرجه للنور. وحين تترجم نصاً، أنت تبني جسراً يمر عليه المعنى من ضفة لضفة، لولاك لظل غريقاً في النهر.
* أثر الفراشة الإلكتروني
تخيل معي هذا المشهد: شخص يجلس في غرفة باردة في أقصى الشمال، يفتح ملفاً قمت أنت بإعداده في ليلة صيفية حارة في مدينتك. تلمع عيناه، يبتسم، ويشعر أن ثقلاً انزاح عن كاهله. أنت لم ترَ ابتسامته، ولم تسمع تنهيدة ارتياحه، لكن طاقتك التي سكبتها في ذلك العمل وصلت. هذا هو "أثر الفراشة" الذي نمارسه كل يوم في مجتمع العمل الحر دون أن ننتبه. نحن نترك أجزاءً صغيرة من أرواحنا مبعثرة في ملفات الـ Word، وفي طبقات الـ Photoshop، وفي أسطر الأكواد البرمجية. نحن نسكن في مشاريع الآخرين، نصبح جزءاً خفياً من نجاحاتهم، شريكاً صامتاً في أفراحهم.
* إلى القابضين على الجمر خلف الشاشات
هذا المقال ليس نصيحة، بل هو "تحية" تحية لكَ حين تشعر بالوحدة، وحين تظن أنك مجرد ترس في آلة الإنترنت العملاقة. تذكر أنك فنان، حتى لو كان عملك هو إدخال البيانات. لأنك تضع "النظام" في وسط الفوضى. تذكر أنك مبدع، حتى لو كنت تقوم بتفريغ صوتي. لأنك تحول الضوضاء إلى كلمات مقروءة ومفهومة. أنتَ تزرع حدائق غناء في أراضٍ يملكها غرباء، وحين تُزهر تلك الحدائق، قد لا يعرف أحد أنك البستاني الذي غرس البذرة وسقاها بماء صبره وموهبته. لكن الحديقة تعرف، والأرض تعرف، وهذا يكفي.
* لا تُطفئ نورك
في المرة القادمة التي تجلس فيها أمام شاشتك، والقهوة بجانبك، والعالم يضج من حولك.. لا تنظر لنفسك كبائع، بل كصانع أثر. أنت لست وحيداً خلف هذه الشاشة، أنت متصل بخيوط خفية من النور مع آلاف البشر الذين جعلت حياتهم أسهل، وأجمل، وأكثر وضوحاً. استمر في الكتابة، في التصميم، في البرمجة، في الصوت.. استمر في سكب روحك؛ فالعالم يحتاج بشدة إلى هذا القدر من الجمال.
ما شاء الله .. لقد جاءت كلماتك كنسيم يعيد للروح صفاءها وللنفس قوتها .. كنت في حاجة ماسة إلى مثل هذا القول ليشتعل في داخلي ما خمد من العزم و ليعود وهجي ويتجدد عطائي .. أشكرك يا عزيزي شكراً يليق بسطورك.
الخدمات التي نقدمها نحن البائعون عبارة عن تبادل للقيمة (انت تعطي للشخص الاخر قيمة حقيقية) هذه القيمة يجب ان تحل له مشكلة او تسد ثغرة ، انت تبادله خبراتك ووقتك وهو يبادلك بالمقابل المادي العادل لهذه القيمة .