يتبسم النهار أحياناً، وهو يزف لنا رسالة عطرة، تبارك تلك الساعات التي قضيناها بعيداً عن عالم المحاكاة والتقليد ننقب عن لفظ جميل وعبارة متفردة، عن كلمة تنسل إلى القلوب فتترك أثراً عميقاً في أصحابها.

اليوم، بينما كنت جالساً وأنا أرقب تلك الأشجار الخضراء المتمايلة من خلف زجاج النافذة، وصلتني رسالة من زميلة طيبة انضمت إلى الموقع للتو، جاء فيها: «السلام عليكم أخي الفاضل حتى لا أطيل الكلام أنا مشتركة جديدة في الموقع. من بين كل الحسابات أثارني حسابك أو بالأحرى خدماتك، حسن انتقائك للألفاظ، وحسن استخدامك للكلمات، وإبداعك في الوصف أضاف لمسة سحرية على حسابك جعل من يبدأ في القراءة لا يستطيع التوقف... أهنئك على مستواك وأتمنى لك المزيد من النجاحات. حبذا لو تستطع أن ترشدني أو تنصحني فيما يخص هذا المجال...».

عندما قرأت تلك الرسالة الجميلة، شعرت بسعادة غامرة خصوصاً حين تذكرت تلك الساعات الطويلة التي اقترضتها من حساب الزمن بقصد تأليف عناوين خدمات غير تقليدية قدر الإمكان، وإعادة صياغة الوصوف والنبذة الشخصية أكثر من مرة، إلى جانب تحسين جودة صور الخدمات مراراً.

أن تكون كاتباً لا يعني أنك تحوز قلماً يخط بسرعة الضوء، فالكتابة تتطلب الكثير من الوقت والجهد والمخيلة الخصبة، حتى يخرج النص من الأعماق إلى السطح. ولهذا، تعد الكتابة الأدبية من أصعب أنواع الكتابة على الإطلاق.

حاولت مساعدة الكثيرين في الآونة الأخيرة، لكنني للأسف لاحظت أن كثيراً منهم – رغم مرور أسابيع – لم يدخلوا أي تعديل اقترحته على حساباتهم (النبذة، الخدمات بعناوينها ووصفها وصورها...). ربما لا تشعر بالدافع اللازم، ولا تدرك مدى أهمية كتابة نبذة مؤثرة، ووصف خدمة مميز. ربما تعتقد أن عناوين خدماتك لا تأثير لها على المشتري، وأن الصورة لا تعني للعملاء الكثير. لكن دعني أخبرك سراً: «كل تلك الأشياء ذات أهمية بالغة، وذلك عن تجربة شخصية لأعوام مديدة».

برغم إطراء الزميلة في رسالتها آنفة الذكر، إلا أنني لست مقتنعاً أنني كتبت أفضل نبذة شخصية لحسابي حتى اللحظة، ولا أفضل وصف لخدماتي، ولا حتى أروع عناوين يمكنني كتابتها. لهذا من يتابع صفحتي يلحظ أنني أغير النبذة كل فترة، وأدخل تعديلات جديدة باستمرار على وصف الخدمات، وأستغني فجاءة عن خدمات كاملة (أحذفها) لأعيد إضافتها بعناوين أكثر جذباً من وجهة نظري (أضحي وقتها بعدد مرات الشراء).

موضوعات كثيرة مفيدة نشرتها في خمسات، إلا أن معظم من قرأوها لم يطبقوا شيئاً يذكر مما ورد فيها. لا أدري حقيقة ما السبب الذي يجعل بائعاً لا يكلف نفسه عناء تصحيح خطأ لغوي نبهه إليه زميل يريد مصلحته؟! ولا السبب الكامن وراء سباحة البعض عكس تيار بديهيات التواصل الناجح مع الزملاء والعملاء؟!

مع ذلك، هناك دوماً بصيص نور يتراءى من خلال أولئك الذين يسارعون إلى تطوير أنفسهم فور قراءتهم لنصائحك، مما يدخل الفرحة إلى الفؤاد، ويحفز المرء على مشاركة المزيد من أفكاره مع المهتمين. صدقني إن أي وقت تصرفه في سبيل تحسين حسابك من كل النواحي سيعود عليك بفوائد لا تعد ولا تحصى. فلا تتكاسل عن العمل من أجل نفسك، لأن أي وقت تقترضه من جيب الوجود سيؤتي ثماره ولو بعد حين.

كانت الرسالة المذكورة أعلاه مجرد مثال واحد على رسائل مشرقة عديدة وردتني من زملاء وعملاء، عبروا عن مدى إعجابهم بالملف الشخصي. أذكر حتى اللحظة عميلة لطيفة كتبت لي قائلة: «بصراحة معرض أعمالك مبهر...»، وعميل آخر عبر منذ فترة قصيرة عن مدى إعجابه بنماذج الأعمال التي أعرضها في خدماتي.

هكذا بالضبط ينعكس أي جهد تبذله – مهما كان عظيماً – على عملك وحياتك. فتعامل مع صفحتك كأنها غرفتك الصغيرة، واجعل تلك الغرفة مكاناً منعشاً وساحراً ليس لك فحسب، بل لكل من يلقي نظرة عليها. نظفها باستمرار من الشوائب، وحسن كل ركن فيها مراراً حتى تبلغ أقصى درجات الجمال والإبهار.

ابدأ منذ الآن، دون أدنى تأخير، في زراعة بذور النجاح وسقايتها باستمرار مسترشداً بالمثل القائل: «لا توجد خطوة عملاقة تصل بك إلى ما تريده، إنما يحتاج الأمر إلى الكثير من الخطوات الصغيرة لتبلغ ما تريد».
عن الموضوع

التعليقات (13)

منذ سنتين وشهرين
بعض مشاركاتي في مجتمع خمسات، أرجو أن تستفيدوا منها:
1) فن التواصل مع العميل:
https://khamsat.com/community/general/460890
2) سلسلة أخطاء عروض الخدمات (1):
https://khamsat.com/community/stories/532031
3) سلسلة أخطاء عروض الخدمات (2):
https://khamsat.com/community/stories/533434
4) أخطاء مدمرة (مهم جداً لكل بائع جديد أو قديم):
https://khamsat.com/community/stories/599615-أخطاء-مدمرة-مهم-جدا-لكل-بائع-جديد-أو-قديم
5) في البطء الندامة وفي السرعة السلامة:
https://khamsat.com/community/general/495455
6) دروس قيمة تعلمتها بعد بيع 360 خدمة:
https://khamsat.com/community/stories/495300
7) كيف تجعل المال يعمل لصالحك لا ضدك؟
https://khamsat.com/community/stories/533225
8) أخطاء إملائية لدى كثير من المترجمين والكتّاب:
https://khamsat.com/community/general/420049
9) لا تيأس من عدم بيع الخدمة الأولى واتبع هذه النصائح:
https://khamsat.com/community/general/437416
10) إجابتي عن سؤال: هل يجب تقديم خدمات في مجال واحد؟:
https://khamsat.com/community/stories/537625
11) لمَ أفضل عرض بائع دون غيره في طلبات الخدمات غير الموجودة:
https://khamsat.com/community/stories/437912
12) لا تنتظر المشتري بل كن المشتري لتصبح بائعاً ناجحاً:
https://khamsat.com/community/general/419618-لا-تنتظر-المشتري-بل-كن-المشتري-لتصبح-بائعا-ناجحا
13) مبيعات بـ 450 دولاراً دفعة واحدة (خدمات الكتابة)
https://khamsat.com/community/stories/596118-مبيعات-بـ-450-دولارا-دفعة-واحدة-خدمات-الكتابة
14) أسئلة مهمة لكل من يسهم بمبادرات لدعم الباعة الجدد:
https://khamsat.com/community/stories/598865-أسئلة-مهمة-لكل-من-يسهم-بمبادرات-لدعم-الباعة-الجدد
منذ سنتين وشهرين
دائما متألق استاذ نبراس بالتوفيق لنا ولك .
منذ سنتين وشهرين
احسنت النشر
منذ سنتين وشهرين
شكراً لك يا نبراس على مشاركاتك دائمة الجمال، التي تبهرني في كل مرة!
فعلاً أنت تفيد العديد من البائعين في كل يوم، ولكن ليس الجميع لديه (عقلية النجاح).
البعض قد يظن أن نصائحك مفعولها كالبرق، أو أنك ستأتي بطرق تجلب لنا 50 طلباً في اليوم.
لكنّ نصائحك كالبذور، تحتاج وقتاً لتنمو.. وعندما تنمو تثمر!

أنا شخصياً عملت على كثير من نصائحك وبدأت أرى ثمارها، خصوصاً في تقوية العلاقة بيني وبين المشترين
وخاصّة نصيحتك المتعلقة بمنح الهدايا للمشترين! أنصح أي بائع بتجربتها لما لها من أثر كبير على علاقة البائع والمشتري ومستقبلها!

أخيراً، تبقّى لدي تعديل واحد لم أقم به حتى هذه اللحظة وهو النبذة الشخصية.. أظنني متردداً بخصوصها، كلما بدأت الكتابة أتوقف، لأنني أريدها مثالية. لكن يجب علي اضافة على الأقل عنصر واحد يومياً.

شكراً لك يا نبراس على كل نصائحك ومقالاتك المفيدة، واسأل الله أن يرزقك السعادة وراحة البال والبركة في الرزق.
منذ سنتين وشهرين
مشكور أستاذ نبراس ، نصائحك مهمة جدا لكل بائع ،جزاك الله خيرا
منذ سنتين وشهرين
جزاك الله خيرا أستاذ نبراس. أنا مشتركة جديدة و اعتقد أنه من توفيق الله أني وجدت هذا المنشور و سأستفيد منه كثيرا. شكرا جزيلا لك لمشاركتنا خبرتك!
منذ سنتين وشهرين
أتذكر أن مبادرتك حينها كانت للبائعين الجدد والنشطاء فلم أكن من ضمن المتقدمين بالتعليقات على المنشور، لكنني تأثرت كثيرًا بهذا الموضوع القيِّم؛ فهي فرصة كبيرة أن يُعطيك أحد نصائح لتُحسّن من خدماتك وتتجاهلها أو لا تُقدّر مدى أهميتها. ذات مرة حدّثني مشترٍ عن عنوان خدمة من خدماتي الجديدة وأنه بحاجة إلى تعديل ما، وفور اقتناعي بنصيحته تحدثت مع الإدارة على وجه السرعة لتعديله بشكل أفضل.
شكرًا أستاذ نبراس جزاك الله خيرًا، وأجزم أن هذا الموضوع من الموضوعات المهمة جدًا جدًا وخاصة للبائعين الجدد، سأنسخ رابط الموضوع ليكون معي حتى أرشده لأي بائع جديد فيما بعد بحاجة إلى نصائح قيِّمة.
منذ سنتين وشهرين
(عبد الله سعيد)
نتألق بحضوركم الجميل أخ عبد الله.

(Mayssa Al Shibany)
شكراً لك.

(أحمد الرفوع)
أصبت يا أحمد فيما أشرت إليه.
قبل أن نطلب النجاح علينا أن نمتلك عقلية النجاح أو نبنيها.
وبالفعل، لا توجد نصائح تعمل في غمضة عين أو بين يوم وليلة.
الصبر مفتاح مهم من مفاتيح تحقيق ما نصبو إليه، فالبذرة لا تنمو دون رعاية.

أنت من بين أكثر الأشخاص الذين يسارعون إلى الاستفادة من أفكار الآخرين وتجاربهم، وهذه واحدة من أهم مقومات الإنسان الناجح.
أتوقع لك مستقبلاً زاهراً، لأن قلائل من يملكون عقلية مثل عقليتك في التقاط كل معلومة قيمة وتطبيقها مباشرة.

بخصوص النبذة، أنصحك ألا تنشد المثالية لأن أعظم كاتب لن يصل إليها يوماً، لهذا ترى الكتاب يكتبون ثم يعيدون الكتابة مرة تلو أخرى. الأفضل هو أن تلزم نفسك بكتابة النبذة خلال عدد ساعات معينة في يوم تجد فيه متسعاً من الوقت، ومع الأيام يمكنك تطويرها أو تغييرها عندما تلمع فكرة جديدة بذهنك. وحتى تصقل حس الكتابة الذي يمكن أن يساعدك على صياغتها بشكل جميل، خصص يوماً لمطالعة النبذة الشخصية لعدد من الباعة المميزين، حتى تتشرب بعض الأفكار والعبارات، ثم خصص ساعات قادمة في نفس اليوم أو يوماً آخر (اليوم التالي مثلاً) حتى تكتب النبذة. المهم ألا تنتظر الإلهام أو تنشد المثالية، لأنك ستقضي حينها أسابيع دون أن تكتب حرفاً واحداً، كما حدث معي في مناسبات عدة في الماضي.

أشكرك على المداخلة المميزة، وأدعو لك بنجاح مبهر يسر خاطرك.
منذ سنتين وشهرين
(عمر علي)
على الرحب والسعة أخ عمر.
سررت بمشاركتك الطيبة.

(سارة علي)
مرحباً بك زميلتنا الجديدة سارة.
يسعدني أنك عثرت على هذا المقال، وأنه أفادك.
أرجو لك مسيرة عمل ناجحة مميزة.
منذ سنتين وشهرين
أهلا ومرحباً بك َ أستاذ نبراس
كيف َ يمكننا أن نشكركَ بما يكفي على قمت َ به ؟ نحن ممتنون لك ِ إلى الأبد أستاذ نبراس
لقد ساعدتَ أشخاصاً عندما كانوا في أشد َ الحاجة إلى المساعدة
بالتوفيق لك في أعمالك
منذ سنتين وشهرين
دائما متألق استاذ نبراس بالتوفيق.
منذ سنتين وشهرين
(مروة نصر)
أسعدني رأيك في الموضوع أختي مروة، وأحييك على سرعة استجابتك لنصيحة العميل ونصائح الغير عموماً.
لا يمكن أن ترى أي فكرة النور ما لم نطبقها على أرض الواقع، وهذا هو جوهر الموضوع المطروح.
نصائح عديدة طرحت في مجتمع خمسات ليس من طرفي فحسب بل من قبل كثيرين، إلا أن قلائل من طبقوها.
لهذا أرجو أن يكون مقالي هذا جرس تنبيه لكل من يعاني مشكلة كسر حاجز بيع الخدمة الأولى، ويريد تحسين مبيعاته عموماً.
كما يسعدني أن تشاركي الموضوع كيفما تحبين، ولك جزيل الشكر.

(Youcef Cheriet)
شكراً على المتابعة صديقي يوسف.
تتألق الموضوعات بمشاركاتكم الطيبة.
منذ سنتين وشهرين
(Nour Houdifa)
مساؤك سعيد أختي نور، وعذراً لأنني لم أنتبه إلى تعليقك أثناء ردي السابق على المداخلات.
في الواقع، الشكر والامتنان لحضوركم المميز، ومشاركاتكم الجميلة؛ فلولاكم لما وجدت الكلمة صدى لها.
فكل التحية والتقدير لك زميلتي العزيزة.