خطر يتسلّل إلى موقع خمسات
في السنوات الأخيرة، تحوّل موقع خمسات إلى منبرٍ أساسي للمستقلين العرب، ونافذة يطلّ منها آلاف الموهوبين على سوق العمل الحرّ. غير أنّ ظاهرة مقلقة بدأت تزداد وضوحاً في الآونة الأخيرة ألا وهي تراجع جدّية عدد كبير من المشترين، الأمر الذي بات يُشكّل تهديداً حقيقياً لتوازن المنصّة ومصداقيّتها.
- اقتصاد النوايا حين يفشل التفاهم قبل أن يبدأ
الكثير من البائعين اليوم يشكون من مشترين يطلبون عروضاً مطوّلة، يسألون عشرات الأسئلة، وربما يطلبون نماذج وتجارب، ثمّ يختفون دون أيّ ردّ أو تفسير. هذه الممارسات لا تُضع فقط وقت البائع، بل تُضعف الدافع النفسي للاستمرار، لأن العمل الحرّ قائم في جوهره على الثقة والتبادل الجادّ لا على الفضول والاستهلاك المجّاني للجهد.
- أثر الظاهرة على بيئة الموقع
إنّ غياب الجدية لا يضرّ الأفراد فحسب، بل يضرب سمعة المنصّة ذاتها. فكل بائع محبط يتراجع عن المشاركة، وكل مشتري جادّ يجد نفسه وسط فوضى من الاستفسارات غير المنجزة، سيفقد الثقة تدريجياً.
تتكوّن هنا حلقة سلبية: قلة الجدية تولّد عزوفاً، والعزوف يولّد تراجعاً في الجودة، والتراجع ينعكس في النهاية على سمعة «خمسات» كمنصّة احترافية.
- الأسباب الخفية وراء السلوك
سهولة التسجيل وقلة الوعي التجاري لدى المشترين الجدد وكذلك الباعة الجدد، تجعل البعض يتعامل مع الموقع وكأنه مساحة تجريبية بلا التزام.
غياب سياسات ردع واضحة تجاه المشترين غير الجادين، على عكس البائعين الذين يخضعون لتقييم دائم.
فجوة التواصل: كثير من المشترين لا يدركون الجهد المبذول خلف كل عرض تصميم أو كتابة أو ترجمة، فيتعاملون بخفّة مع العملية كلها.
- نحو حلول واقعية
من المهم أن تبادر إدارة الموقع إلى إجراءات أكثر توازناً، منها:
تفعيل نظام تحذيرات وتقييمات للمشترين كما هو الحال مع البائعين.
فرض حد أدنى من الالتزام قبل طرح الطلب (مثل إيداع المبلغ أو تحديد مهلة للرد).
إطلاق حملات توعية توضّح أخلاقيات العمل الحرّ، وحقوق الطرفين.
دعم البائعين القدامى الذين أثبتوا جديّتهم عبر ميزات خاصة.
- كلمة أخيرة
خمسات ليست مجرّد سوقٍ رقمي، بل فضاء للثقة والاحترام المهني. وحين تُختزل العلاقة بين المشتري والبائع في نزوة أو تجربة عابرة، يُصاب هذا الفضاء بالتشوّش.
إنّ إنقاذ روح المنصّة يبدأ من ثقافة الجدية والاحترام المتبادل .. فالإبداع لا يولد في بيئة تستخفّ بالوقت، ولا في مجتمعٍ يساوي بين الجهد الحقيقي والسؤال العابر.
ملاحظة: نسبة نجاح التواصل زاد الطين بلة لأن البائع سيقبل بسعر زهيد لإنجاز مهمة خوفاً من ضياع الفرصة وخفض النسبة.
أرجو تقبل كلامي بروح عملية ومهنية. كل الود والتحية.
التعليقات (7)
