لما دخلت صرحها "كشفت عن ساقيها" حسبة منها أن أسفل منها وأمامها مياه لتعبرها، ولكنها ما لبثت أن اكتشفت صرح سليمان العظيم حتى غطت قدمها وحصنت نفسها رغبة منها ألا تكون من الجاهلين، تلك كانت بلقيس صاحبة الشأن العظيم والبأس القويم في وقتها آنذاك في مملكتها بسبأ.

وفي عرض سينمائي آخر في قديم الزمان من داخل خيمة مسرحية لقبيلة "قريش" لبعض الجواري واللائي كن يكشفن عن سائر أجسادهن -إلا ما سترته ملابس أظهرت أكثر مما أخفت- كل ذلك لتنال رضى سيد محتسب مالك يملكها فتحوز رضاه وتنعم بعيشته، ويا حبذا لو كانت الآلهة في جانبها وقتها فرضى عنها سيدها واتخذ منها زوجة ليحررها فيُذاع صيتها ويعلو شأنها لتتحدث عن قصتها شعوبًا وقبائل!
ما نقيضهن فقد كن نساءً تمسكن بحبال الإنسانية وطالبن بحقهن في حفظ أجسادهن من عيون الذئاب الماكرة المسماة "أسياد"، ولكنهن بذلك كن يخالفن "موضة" عصرهن ويغضبن أسيادهن أصحاب النزوات والأموال، بل والأعظم من ذلك كله "آلهتهن"، فما تدعو له تلك النسوة لا يرضي لا لات ولا عزى ويثير سخط هبل وتجبر مناة وهم لا طاقة لهم بذلك أبدا!

ظلت تلك النسوة في انتظار فرج قريب ليقضي على سلطان "موضاتهن" القذرة التي حطت منزلتهن وأوضعت قدرهن ليعدن إلى منازل الإنسانية، فلا أجسادهن تعرض ليل نهار في عروض قبيلتهن المسرحية لتجذب لهن كل من يشتاق لنهش اللحوم؛ حتى جاءت الدعوة.

جاء بها رسول كريم بقلب رحيم وقرآن كريم أكد كلام موسى وتعاليم عيسى، فلا عبودية لمال أو جنس أو شهرة، فالعبودية كلها لله ولتذهب موضات عصرهم إلى الجحيم، وهكذا عشن في ظلال إنسانيتهن الطاهرة حتى خرج بعدهن بفترة ليست بالكثيرة في عمر البشرية من ينادي بالعودة إلى ظلال "الموضة المباركة"، فبالسراويل الممزقة تارة وبالفساتين المفتحة أبوابها تارات ليظهرن من أجسادهن ما يرضي عيونًا لاهثة على جواري العصر الجديد "جواري الشهرة والموضة"، معذرة آل "فاشون" يا صاح!.

فالتحديث لا بد منه وخصوصًا في مصطلحاتنا لتناسب عصرنا ولا تجرح مشاعرنا، فالملابس الفاضحة تسمى ملابس جريئة أو ساخنة، أما الأجساد العارية فأصبحت متحررة! نعم متحررة ولكن من كل ما بقي لها من إنسانية طيبة لتنزل بعد ذلك إلى منازل ما شاءت من الأنواع الأخرى الحية، فلو كانت الأنوثة بالتعري لكانت القردة سيدتها الأولى ومثلها الأعلى.

وعجيب أمرهن أنك حين تسمع إليهن يقلن لك إنها مقاييس عصرنا ومطالب الـ "فاشون!" في ذلك التوقيت وإلا أصبحنا متأخرين عن ركب التقدم الحضاري الذي ينعم فيه باقي العالم، وهن أدري بتلك المطالب وأهل لتنفيذها، فبئس الرأي ذاك فما أنتم بتاج العارفينا ولكنكم تاج العار فينا.

بقي لنا سؤال ويُنتطر له الجواب، ألا هو ألسن بذلك يصبحن سلعًا تباع وتُشترى في الأسواق موضاتهن البالية؟ أما لهن غيرة علي أجسادهن يحفظن بها كرامتهن أمام ذويهن إن كانوا من أصحاب الدم الحار؟ أم أنهن سيفضلن دور الجارية التي طلبت شهرة وحينما أرادت كشفت عن ساقيها!
عن الموضوع

التعليقات (4)

منذ 4 سنوات وشهر
مقالة جميلة جدا
منذ 4 سنوات وشهر
بارك الله في آناملك، قد وفقت في مقالتك.
و لكن فقط في الموضع الذي قلت فيه ( جاء بها رسول كريم بقلب رحيم و قرآن كريم) كأن فيه تكرارا لكلمة (كريم) حبذا لو كتبت (جاء بها رسول "حليم" بقلب رحيم و قرآن كريم)
و سنجد أن كلمة "حليم" مرادف للقلب الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ 4 سنوات وشهر
مقالة جميلة جداً إستمر وبالتوفيق
منذ 4 سنوات وشهر
جميلة وثرية، سلمت أناملك وبورك فيك
عن الموضوع