استوقفتني كثيراً قضية الأطفال التي أثارها الأستاذ ابراهيم عيسي في برنامجه الإذاعي اليوم, فمع حلول شهر رمضان علينا والذي ما كان دائماً يمتاز ببرامجه المقدمه للأطفال ومع بعض السرد في التاريخ وإظهار ما كان يقدّم للأطفال من جودة برامج وأغاني وكتّاب وما إلي ذلك, فشردت بذهني قليلاً لأسأل نفسي عمّا نقدمه نحن للطفل اليوم وما هي نوعية وجودة البرامج التي نعرضها علي أطفالنا في وقتنا الحاضر, والحقيقة وبعد تفكير طال وجدت أنني لم أستطع أن أتذّكر أي برنامج أو كرتون أو حتي أغنية واحدة مقدمة إليهم حتي أبحث بعد ذلك عن جودتها, وأن أخر معرفتي بشيء ما قُدم للأطفال كان كارتون بكار والذي كان يُنتج منذ ما يفوق العشر سنوات علي ما أتذكر ثم لا شيء بعد ذلك اللهم إلا بعض المحاولات والتي قُدمت وعلي إستحياء لسنة أو إثنتين ثم توقفت. ولا عجب في ذلك فقد كانت تقليداً لما كان يُقدّم لي عندما كنت طفلاً وإن كنت تُريد أن تعرف مدي وسبب فشلها فببساطة فأنا عندما كنت طفلاً وقبل دخول تلك الثورة الإلكترونية الهائلة كانت بالكاد تجذب إنتباهي لإنها كانت الخيار الوحيد والأوحد أمامي كطفل وبالتالي كيف يمكن أن تُقدّم نفس تلك المادة التي قدمتها لي لأطفال اليوم بعد هذا الغزو التكنولوجي ثم تنتظر النجاح؟
كيف تخاطب عقولهم بنفس طريقة مخاطبة عقولنا وتنتظر أن تؤثر فيهم وتترك بصمة في وجدانهم ليتذكرونك بها عندما يشّبوا كما أتذكر انا بوجي وطمطم وبكار؟
لذلك, ولأن القضية لم تعد بالسهولة السابقة فقد قرر المسئولون أن يتخلوا عنها تماماً دون أن يدركوا عواقب هذا القرار الشديد الخطورة, فكما نعلم فإن المسئولين في بلدي لا تشغلهم أبداً قضية الطفل فهم كما يعتقدون أكبر و أهم من أن يُضيعوا أوقاتاً وأموالاً علي " شوية عيال " وينسوا أو يتناسوا دورهم في زرع القيم والولاء والإنتماء داخل هؤلاء الأطفال وغرس حب الوطن في نفوسهم منذ الصغر وعدم تركهم ليختاروا ما بدا لهم, فتبقي مشاهداتهم كلها من مناظر وظروف ولغات من خارج حدود الوطن لتتعلق مشاعرهم وأحاسيسهم البريئة بأبطال من أوطان أُخري ليس لهم أشكال ولا أخلاق ولا عادات وتقاليد أبناء وطنهم.
فلو وضعنا كل ذلك مع جودة التعليم التي يتلقاه هذا الطفل, فلا تتعجب بعد ذلك من النتائج مثل أن تنشر مقاطع لشباب علي الفيس بوك لا يستطيعوا نُطق اللغة العربية ويتلعثم عند قرائتها, أو شباب لا يُدركون قيمة وطنهم الحقيقية فماذا قدمت لهم وماذا زرعت فيهم حتي تنتظر المقابل الذي تتمناه؟ فأنت لم تكن في خيالهم عندما كانوا يحلمون ولم تكن في مدارسهم عندما كانوا يتعلمون فكيف تنتظر أن يكون الوطن في قلوبهم عندما يكبرون؟
عن الموضوع
عن الموضوع