المربي الفاضل الأستاذ ****** مدير المدرسة الفذ
معلماتي ومعلميّ الأحبة
زملائي وزميلاتي الخريجين
الضيوف الكرام مع حفظ الألقاب،
تحياتي لكم جميعاً

أقف اليوم أمامكم أصالةً عن نفسي ونيابةً عن زملائي الخريجين، فيحضرني قولٌ بليغٌ لشاعرنا الراحل محمود درويش حيث يقول: هناك عند منحدرات التلال وفوهة الوقت، نصنع ما يصنعه السجناء والعاطلون عن العمل، نربي الأمل نربي الأمل)
نعم يا شاعرنا، إننا شعبٌ مبدعٌ في تربية الأمل.
قبل البدء في كلمتي هذه، لا بُدّ لنا جميعاً أن نستذكر أبطالاً قدموا الغالي والنفيس على مذبح الحرية والاستقلال، وخاضوا معركة العزة والكرامة، معركة الأمعاء الخاوية وهم في غياهب السجون، إنهم أسرانا البواسل الذين حققوا نصراً بثباتهم على مطالبهم وعلى حبّ هذا الوطن ونحن من سجننا الكبير نحذو حذوهم ونتمنى استعادة وطننا السليب، ونتمنى الرحمة لشهدائنا والشفاء لجرحانا.
تدقّ ساعة النهاية، فتؤجّجُ الشوق والحنين إلى أوقاتٍ أمضيناها هنا، في هذا المكان، شوقاً للمستقبل وحنيناً لماضٍ رائعٍ جميل. لماضٍ تصادمت أمواجه العاتيةُ بعنف أحيانا وبهدوءٍ أحياناً أخرى، وحملت في ثناياها موجاتٍ من الفرح والسعادة والشعور بالإنجاز والنجاح، وموجاتٍ أخرى تخللها التوترُ الانتظار، الخوفُ والقلق
تدقُّ ساعة النهاية، وتتعالى نبضات القلوب، هنا تعرّفنا على أقرب الأصدقاء، فقضينا أجمل لحظاتِ حياتنا، وتفاعلنا وتناغشنا مع أروع المعلمين والمعلمات، ولكن .. هي متابعة الدرب والبناء للمستقبل الذي أُعددنا له، وهاهي الأيام تجري بنا بسرعة البرق اللامع، حاملةً معها ذكرياتً محفورةً في قلوبنا، فلا تُمحى أو تزول.
ها هي الكتب تغلق، والدفاتر تنتهي صفحاتها، ويجفُّ مداد القلم، وتنتهي السنةُ لتأتي سنةٌ جديدةٌ مليئةُ بالمهام والأهداف لنشق طريقنا نحو المستقبل.
سلامي ، سلامي لكم يا رفاق الدرب الطويل، ويا تلك الأسماء التي حفرناها على جدران المدرسة ومقاعدها. سلامي، سلامي على لحظاتٍ أمست ذكرياتٍ محفورةً في ذاكرة الزمان.
آباءنا الأحبة، يا من علمتمونا الشموخَ والتحدي، وصدق محمود درويش حين قال: أبي من أسرة المحراثِ لا من سادة النجبِ، يعلمني شموخ النفسِ، يعلمني شموخ النفس قبل قراءة الكتب. وبهذا، لا نعتقدُ أنّ ثمةَ قولاً أبلغُ من هذا يمكن أن نهديكم إياه اليوم.
أمهاتنا العزيزات، يا من سهرتنَّ على همنا وتربيتنا وعلمنا، إليكنّ أجمل باقات الورود التي يفوح منها عبق الإخلاص والمحبة، فأنتنّ فعلاً مدرسةٌ إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراقِ.
معلمينا ومعلماتنا الأوفياء، وفاءَ الزيتون لأرض فلسطين، لا أعتقدُ أننا سوف ننساكم للحظة، فأنتم في الذاكرةِ ناقوسٌ يدقُّ في عالم النسيان، معذرةً منكم على ما بدر منا في طفولتنا ومراهقتنا، كيف لا ونحن نودع هاتين المرحلتين من عمرنا ونحن بينكم، لكم منا جميعاً المحبة.
أما أنتَ، أما أنتَ ملهمنا وربان هذا المركب العظيم، مديرنا ووالدنا، حبيبنا وأستاذنا *************، حيث يمتزجُ الفرح بالألم هذا اليوم ، نفتخر ونعتز بك أباً ومربياً ومعلماً مخلصاً ومعطاءً ولنا كل الفخر أنك اليوم ستخرجنا وتودعنا إلى عالمٍ آخر من العلم والثقافة، لكننا نتألم لأنك أيضاً ستترجل من هذا المركب مع نهاية هذا العام الدراسي مسلماً لواء النصر لغيرك، وكلنا ثقة بأنك زرعت في هذا الصرح وجنيت ثماراً ستحمل ذكراك وتاريخك إلى الأبد، شكراً لك وتمنياتنا لك بالتوفيق والنجاح في حياتك الجديدة.
اليوم، وفي هذا المكان، قد تظهر لكم في ثنايا هذه الكلمة مضامين أو معانٍ للوداع، لكنني وزملائي نؤكد لكم أن جسر المحبة والتواصل الذي بنيناه سوياً طيلة الأربعةَ عشر عاماً لم ولن يهدم، وسنصونه بحبنا لكم وتقديرنا لجهدكم المتواصل، وسنبقى معكم أينما كنتم، وتأكدوا دوماً أننا جنودكم الأوفياء الذين ستجدونهم وقت الشدائد.
وحتماً ستفخرون بنا خريجي جامعاتٍ متمتيزين، نصدق العهد والوعد، ونقول لكم إننا على درب التفوق ماضون.

والسلام عليكم.
عن الموضوع