قصة قصيرة
=======
طبيب أسنان
----------------------------

ذهبت الى عيادة لطبيب اسنان نصحني به صديق للعائلة أخبروني انه جيد و متقن لعمله ذهبت اليه من اجل الالم الذى آرق ليالي و أفزع راحتي
دخلت العيادة ، تبدو رثة قديمة قدم متحف التاريخ الطبيعي ببريطانيا ربما تكون بنيت في زمن الاهرامات فالجدران صفراء مسودة توحى بالاكتئاب و هناك بعض اللوحات المعلقة المكتوبة باللغة الانجليزية حتى تشعرك بأنك في عيادة اسنان و لست فى مقبره تلك اللوحات التي تصيبك بالجهل لما بها من كلمات غامضة مثل هذا ضرس وذلك ناب و لكن حين تكون بالإنجليزية تبدو مهيبة .

كان هناك الممرض ( التمرجى ) الذى يبدو من طراز عشماوي الذى يعمل نهاراً بالعيادة و يعبث بأسنان المرضى ليلاً أقرضته ثمن الكشف و طلب منى ان انتظر فجلست وأخذت أفكر و أتساءل أي ذنب ارتكبت حتى أعاقب بالذهاب لمكان كهذا
فجأة خرج مريض من غرفة الطبيب ممسكا بفكيه على قطعة من القطن و يقول " شا شا ، شيه شو " يبدو انهم يتعلمون لغة جديده عند هذا الطبيب فأشارا له الممرض على الحمام بعد ذلك أخبرني انه دوري .

دخلت غرفة الطبيب و التي لا تختلف الوانها كثيرا عن باقي العيادة بها شباك يطل على الشارع لكنه مغلق و تنبعث منها تلك الرائحة العفنة التي تجمع بين رائحة أفواه المرضى الكريهة و رائحة المخدر و رائحة الدم المخلوط بالمطهرات ذلك الخليط الذى يجعلك تتقيأ او يغشى عليك و هناك كرسي في وسط الغرفة تنقصه مرآه بالمواجهة ليصبح صالون حلاقة ، ذلك الكرسي القديم اللعين الذين يعذبون عليه الجواسيس في الافلام و بجانبه ترقد الآت التعذيب الكهربائية في سكون أعتقد انه يولجها داخل جمجمة المريض و ليس فمه حتى يعترفوا بجرائمهم و بالمعلومات التي يخفونها و ثق تماما انى لن احتاج الى ذلك الكم من التعذيب و سأعترف من اول صفعة .

الطبيب رجل في عقده الخامس اكتسى رأسه بالشعر الابيض في معظم انحائه طبيب من الطراز الذى يقنعك بان بتر انفك سيجعلك تستنشق مزيدا من الاكسجين نظر الى و قال لي " تفضل أجلس " فجلست فقال " أفتح فمك " ثم اردف " قل آه " فأجبته :" لحظة واحده انت طبيب اسنان ام لك تخصص اخر؟ " ، فرد قائلا حتى اتأكد انك لا تعانى من أي امراض اخرى ، فقلت في رأسي آآآآآآه يبدو انه معتوه ، أخذ يتفحص و قالي لي :" أي ضرس يؤلمك " فقلت " هذا و هذا و هذا ...... " لقد كانوا حوالى ثمانية ضروس فأخذ يتمتم و قال " متى يؤلمونك ؟" فقلت له : "عندما اشرب مشروبات بارده او ساخنه و احيانا بدون سبب " .

فنظر لي بصرامة و جديه و قال لي :" اسمع يا بنى ، من نعم الله عليك انك لا تشعر و لا تحس و الا لكنت الان تعيش في آلم دائم لا ينتهى ليلا و نهارا " لقد فتحت فمي أكثر متعجبا ، لقد أيقنت انى كائن عديم الاحساس و ذلك جيد فعدم الاحساس نعمة على حد قوله فسألته " و ما العمل؟ " فأجاب " في الحقيقة انك حالة ميؤوس منها و جميع ضروسك التي اشرت اليها في حالة مذريه و يجب ازالتها ، سنقتلع اليوم ضرسا و يمكنك ان تمر على كل ثلاثة او اربعة ايام لنزيل اخرا حتى ننتهى منهم جميعا " فقلت لنفسي مكملا و حتى ننتهى من الالم و من الحياه و منى و من أمثالي السيكوباتيين الذين لا يشعرون ، قلت له " حسنا لنبدأ " لقد كانت فكرتي عن الاطباء مثاليه في ذلك الوقت و لم أكن اعلم ان هناك أطباء ساديين و مجانين و مخبولين و أغبياء ، غاب قليلا ثم أحضر تلك الحقنة المعدنية المخيفة و فجأة غرسها في فمي و كأنه يغرس وتد في قلب دراكولا و السعادة تسيل من بين شفتيه ، تركني لمدة خمس دقائق و عاد و في يده شيء يشبه " الكماشة " وضعها في فمي و أخذ يتصارع من الضرس حتى أقتلعه من جذوره ثم وضع مكانه قطعه من القطن و قال لي :" ها هو ، هل تريد الاحتفاظ به " فأومئت بالإيجاب ، فعندما يخلع لك ضرسا تصبح أخرس و في بعض الحالات النادرة تصبح أصم ، أعطاني الضرس في قطعة من القطن و حملتها في صمت كمن يحمل قطعة مجوهرات .

رجعت للمنزل و مرت عدة ايام حتى التئم الجرح و قبل ان اذهب مره اخرى، لي صديق طبيب اسنان كان يدرس في كلية طب الاسنان في ذلك الوقت فأريته الضرس فقال لي " انه فقط متسوس بنسبه 20% كان من الممكن انقاذه فلماذا ازاله لك ؟"
فقلت في عقلي ايها الحمقى لماذا أرسلتموني لذلك المخبول الذى تدعون انه طبيب اسنان الذى لطالما شككت في انه طبيب ،
تبا له ولو رأيته مره اخرى سأمزقه اربا اربا بأسناني الباقية .
عن الموضوع

التعليقات (4)

منذ 9 سنوات وشهرين
استمر بس لو تعمل القصه على صور كرتونيه
منذ 9 سنوات وشهرين
قصة ممتعة أخي الكريم قرئتها كاملة :)

أعجبتني بعض المفردات المجنونه هههههه
وبعض التشبيهات التي وظفتها كـ :
- ..غرسها في فمي و كأنه يغرس وتد في قلب دراكولا..

وهده العبارة أيضا :
- .. طبيب من الطراز الذى يقنعك بان بتر انفك سيجعلك تستنشق مزيدا من الاكسجين ..

-----------------------------------------
والكثير D: أتمنى لك المزيد من التقدم إلى الأمام بإذن الله.
منذ 9 سنوات وشهرين
شكرا أخوتى على تعليقاتكم المشجعه
منذ 9 سنوات وشهرين
هههه قصة رائعة جدا :)

أعجبتني كثيرا و فيها تشبيهات مميزة ، و كلمات لم نعد نراها هذه الأيام .

ممتاز ، واصل ^_^
عن الموضوع