كثيرا ما تشغل فكري بعض التجارب التي أمر بها مع أحد العملاء، خاصة حين ألمس منه وفاء وحرصا يقابل به إخلاصي وحرصي على تسليمه عملا يفوق أو يلبي ما يطمح إليه.
في الآونة الأخيرة كنت مشغولا بمشاريع ضخمة خارج منصة خمسات، مشاريع بميزانيات لم أكن أتوقع يوما أنني سأحظى بمثلها .. واستغرقت مني العمل طيلة شهر غشت وشهر سبتمبر، ومن المرتقب أن يشغلني هذا المشروع أيضا طوال الشهرين القادمين ..
انشغالي بهذه المشاريع جعلني أبتعد عن موقع خمسات دون أن أقدم عروضا في قسم طلبات الخدمات غير الموجودة لسبب وحيد، وهو أنني لا أملك وقتا يكفي لتنفيذ مشاريع بميزانيات ضئيلة والتي تتطلب وقتا أطول .. لست هنا أفاخر على أحد، وإنما غايتي فتح نافذة تشرق بالأمل على كثير من الباعة الذين يترقبون من العمل على موقع خمسات أن تدر عليهم عائدا ماديا محترما.
بدأت العمل على موقع خمسات منذ سنة 2018، وحظيت بكثير من المشاريع التي جعلتني أكتسب تجربة رائعة ساعدتني في النجاح على خمسات وعلى منصات أخرى .. عدم إلمامي بسياسات الموقع عرضني لكثير من العقوبات، وتعرضت لإيقاف الحساب مرتين بسبب أخطاء ساذجة، فبدأت من الصفر من جديد في كل مرة، وأصبحت أفكر كثيرا قبل أن أقدم عرضي على أحد الطلبات أو قبول طلب على خدماتي، يراسلني الكثير من عملائي مرات كثيرة بعد أن يتسلموا أول مشاريعهم معي، يحاولون تكرارا التجربة في كل مرة .. بعضهم يرفع سقف طموحاته فيحاول أن يحظى بسعر تفضيلي يجعل استفادته قصوى، وبعضهم يحاول أن يحظى فقط بتكرار التجربة.
لا أرى هذا أمرا سيئا أبدا، وإنما أراه مكسبا ونجاحا في تحقيق الغاية المرجوة من تنفيذ العمل لدرجة تجعل العميل يسعى لتكرار التجربة، وهذا يزيدني ثقة وإصرارا على المواظبة في العمل على خمسات .. حتى وإن كنت لا أملك وقتا، فأنا أسرق لحظات من وقتي الخاص لأقدم عرضي على مشروع هنا أو هناك، وأحاول أن أجيب على أسئلة عملائي المحتملين، وإخبارهم بوضوح بمدى انشغالي، وأترك لهم حرية اختيار التعاقد معي على شرط تنفيذ عملهم في وقت لاحق .. لم يخب أملي أبدا في التعامل بصراحة وطلب العمل تأجيل تنفيذ مشروعه إلى وقت لاحق ما لم يكن مستعجلا، وإن كان كذلك فأنا أعرض عليه دون خجل استقطاع جزء مهم من وقتي مقابل زيادة في سعر الخدمة ..
الأسعار التي تحددها لخدماتك ليست نهائية، فالموقع لن يلومك أبدا على نجاحك في عقد صفقة برضى العميل مهما كانت تفوق السعر الذي تضعه كمرجع لخدماتك .. نعم، نحن نعرف جميعا أن البدايات صعبة ومنهكة، كنت أستغرق ما يفوق 16 ساعة لتنفيذ مشاريع بميزانيات لا تتجاوز 5 دولار في بداية عملي، لكني مع مرور الوقت أصبحت انتقائيا .. أدرك أن البعض لا يملك هذه الرفاهية، لكن على الجميع السعي في هذا الاتجاه، الأسعار التي نجعلها متدنية لخدماتنا هي أسعار تفضيلية لجلب العملاء، ونجاح التجربة يعني أن يكون عميلك مستعدا لتقديم المزيد من أجل أن يحظى بنفس النتيجة .. وكل هذا يبقى رهينا بجودة العمل الذي تقدمه. ليس في الأمر أية أسرار البتة، كن متخصصا في خدمات تتقنها وتعرف خباياها وأسرارها وتدرك أن ما تعرضه عمل مميز، لا تكن من الأشخاص الذين يدفعون العميل للنفور .. لا تسلم عملا رديئا لأنه سينعكس على بقية تجاربك، سيتربص بك الفشل في كل مرة ما لم تحسن انتقاء أولى تجاربك والتي تكون واثقا من أنها ستلقى النجاح الذي يساعدك على تسلق سلم التقييم والتميز على الموقع لتصبح خدمتك مرجعا من المراجع يظهر في كل نتائج بحث عما تقدمه. وحين تبلغ تلك المرحلة، إجعل عملاءك يدركون أنك لست مستعدا لترضى بأي سعر في كل مرة من أجل خدمات توفر ميزة تنافسية عالية.
ما الذي دعاني لهذا الحديث؟ كل ما في الأمر أنني كنت أعمل على مشروع لأحد عملائي، وكان الاتفاق على حجم محدد من العمل، ولأني كنت منغمسا كليا في تنفيذ المشروع، تركت الإلهام يقودني (فطبيعة خدماتي تعتمد عليه) إلى حيث يدرك الفكر أن النهاية ينبغي أن تكون بالشكل الذي جاءت به، فوجدت أنني ضاعفت حجم العمل دون أن أشعر .. وبالرغم من أنني طلبت من العميل في بداية الاتفاق ضعف سعر الخدمة، إلا أنني تفاجأت به يقابل هذا العمل المضاعف بمضاعفة المبلغ الذي اتفقنا عليه، ليصبح الأمر وكأنني استلمت عملا بأربعة أضعاف سعره المرجعي، وهذا كله على خمسات .. ولكم أشعر بالتقدير لمثل هذا العميل، ليس لأنه دفع أكثر مما كان الاتفاق بيننا، بل لأنه كان منصفا في نظرته إلى قيمة العمل، ومخلصا يقابل الوفاء بالوفاء .. فلا حرمكم الله من أمثاله ممن يدركون قيمة الزمن الذي يهدره الواحد منا بتفان وإخلاص ليجعل الكسب طيبا برضى العميل عما نفذه.
عن الموضوع

أضف تعليق

سجّل دخول لتتمكن من إضافة تعليق على هذا الموضوع.

عن الموضوع