تحقيق التوازن بين العمل والحياة Work-Life Balance هو الصيحة الجديدة في الأعوام القليلة الماضية، الجميع يتحدثون عن أهميته لكي تحظ بحياة أكثر سعادة، ولكن ماذا عن التوازن بين العمل والتعلم وتطوير المهارات؟

لا أدري لماذا لا يتحدث أي شخص عن صعوبة التوازن بين العمل والتعلم بالرغم من كونها واحدة من أكبر المشكلات التي يعاني منها كثيراً من الفريلانسرز ومن يعملون في الصناعة الإبداعية بوجه عام، وهم أكثر من هم بحاجة إلى تطوير مهاراتهم في مجال عملهم دون أن يتوقفوا عن العمل.

شخصياً كنت أعاني من تلك المشكلة لوقت طويل، وتعجبت كثيراً حين كنت أبحث عن حل لها ولم أجد كتاباً أو مقالاً واحداً حتى يتحدث عن هذا الأمر!

لذا أخذت على عاتقي أن أجد هذا الحل بنفسي، وقمت بعمل العديد من التجارب حتى توصلت إلى طريقة رائعة ساعدتني على التخلص من تلك المشكلة أسميتها “الخطة 2*5 - 2*1 ” فى مجريات المقالة ستعرف لماذا أسميتها هكذا .

لكن قبل أن تعلم ما هي تلك الخطة وكيف يمكنك تطبيقها لتتمكن من تحقيق التوازن بين العمل والتعلم دعنا نتحدث عن المشكلة قليلاً في البداية.

مشكلة صعوبة تحقيق التوازن بين العمل والتعلم وتأثيرها على إنتاجيتك

صعوبة تحقيق التوازن بين العمل والتعلم هي مشكلة يتعرض لها من يعملون في المجال الإبداعي تحديداً، ومن يعملون في مجالات تتطلب تطوير مستمر لمهاراتهم مع الحفاظ على إنتاجيتهم فإذا كنت فريلانسر فأنت بالتأكيد تعرف ما يعنيه هذا الأمر.

المشكلة تتخلص في أنك قد تجد نفسك تقضي الكثير من الوقت في التعلم ومتابعة الدورات التدريبية والدروس، قراءة المقالات والكتب، وحتى الاستلهام والتواصل مع من هم أكثر منك خبرة في مجال عملك، ثم تتوقف كلياً وتبدأ في العمل كثيراً وفق ما تعلمته ثم تنشغل بالعمل وتنسى تماماً بأنك من المفترض أن تتعلم المزيد.

ثم بعد ذلك تشعر بأنه مازال ينقصك الكثير من المعرفة لتتمكن من أداء عملك بصورة أفضل، فتبدأ بالشعور بانعدام الثقة في قدراتك، ومن ثم تتجه إما إلى الانغماس في العمل محققاً إنتاجية أقل وشعور أكبر بالذنب وانعدام الثقة، أو إعادة تلك الكرة مرة أخرى!

ولعل أكثر من هم عرضة لتلك المشكلة وتأثراً بها هم المبتدأين، لأن حاجتهم للتعلم أكبر من حاجتهم للعمل، وقد لا تساعدهم معرفتهم في تلك المرحلة على العمل بصورة مستقرة، فقد يدفعهم ذلك الشعور بانعدام الثقة إلى التفكير في أنهم لن ينجحوا أبداً، فيتوقفون عن العمل وينسوا ما تعلموه ويبدأوا نفس الرحلة في مجال آخر.

إذا كنت قد مررت بتلك التجربة فدعني في البداية أخبرك بأنك لست وحدك، أنا أيضاً مررت بتلك التجربة وأعلم أن كثيراً ممن يقرؤون هذا المقال قد مروا بتجربة مشابهة أيضاً.

وإذا لم تكن قد مررت بتلك التجربة من قبل فهذا أمر أخطر في الحقيقة، لأنك بذلك قد تعتقد بأن التعلم هو ما تحتاجه في البداية فقط وحين تبدأ العمل لن تحتاج إلى مواصلة التعلم.

وهو خطأ أكبر يقع فيه الكثير من الفريلانسرز كذلك، فالتعلم هو المحرك الرئيسي للعمل وهو أيضاً عمل لا ينتهي أبداً، فهناك دوماً شيئاً جديداً لتتعلمه حتى وإن كنت أفضل من يقوم بعمله، فلا تقع فريسة فخ وهم المعرفة وتعتقد بأنك تعلم كل شيء.

قبل أن تكمل توقف قليلاً لتسأل نفسك، متى كانت آخر مرة قرأت فيها كتاباً في مجال عملك؟ أو اشتركت في دورة تدريبية أو ورشة عمل؟ ماذا كان آخر درس تعلمته؟

إذا واجهتك صعوبة في الإجابة على تلك الأسئلة فأنت بحاجة كبيرة إلى إكمال قراءة هذا المقال، أما إذا لم تواجهك مشكلة في الإجابة على تلك الأسئلة، اسأل نفسك سؤالاً آخر، هل كان هذا الأمر عائقاً لك على أن تصبح أكثر إنتاجاً؟ إذا كانت الإجابة بلا فأنت شخص محظوظ! أما بالنسبة لبقيتنا فنحن حقاً بحاجة إلى تحقيق التوازن بين العمل والتعلم.

أعتقد أنك عرفت ما تعنيه تلك المشكلة وكيف أنها تؤثر على إنتاجيتك، لذا لنبدأ في الحديث عن الحل، سأخبرك بالتحديد ما الذي فعلته لكي أحقق التوازن بين العمل والتعلم وتطوير مهاراتي أثناء قيامي بعملي بشكل مستمر، وكيف يمكنك أنت أيضاً القيام بهذا الأمر.

ما هي خطة التوازن بين العمل والتعلم 2*5 - 2*1
التجارب السابقة جعلتني أدُرك صعوبة التوازن بين العمل والتعلم وأنني بحاجة إلى روتين إيجابي يساعدني على حل تلك المشكلة، بعد أن قمت بالعديد من التجارب توصلت في الأخير إلى خطة رائعة أسميتها خطة التوازن بين العمل والتعلم 2*5 - 2*1 .

الهدف من خطة التوازن بين العمل والتعلم 2*5 - 2*1 هو ألا تدع عاداتك في العمل تجعلك تعمل أكثر دون أن تتعلم المزيد ولا العكس أيضاً، وبالتالي تصبح أكثر إنتاجاً كما أشرت في المقال السابق.

وهو ما يتطلب وجود خطة واضحة وقابلة للقياس تساعدك على تحقيق التوازن بين العمل والتعلم وتطوير مهاراتك لزيادة إنتاجيتك، وأيضاً منعك من قضاء كل وقتك في العمل دون الانتباه إلى تطوير معرفتك ومهاراتك.

الخطة هي أنه يجب عليك في كل شهر أن تقرأ كتاباً، وأن تنهي دورة تدريبية، وأن تقرأ 5 مقالات، وأن تشاهد 5 محادثات تيد TED Talks.

( كتاب - تنهي دورة تدريبية ) = 2*1
( تقرأ 5 مقالات - تشاهد 5 محادثات تيد ) = 2*5

كيف تستخدم خطة التوازن بين العمل والتعلم 2*5 - 2*1

لكي تستخدم تلك الخطة بشكل صحيح يجب أن تعلم بأنها مصممة خصيصاً لخلق توازن بين العمل والتعلم المستمر حتى لا تعمل أكثر مما تتعلم ولا العكس أيضاً، لذا فالصورة الأولية لها هي 2*5 - 2*1 .

ما أريدك أن تفعله هو أن تصبح أكثر مرونة في استخدامك لتلك الخطة، فإذا كنت شخص لا يحب القراءة مثلاً، فيمكنك استبدال الكتاب بدورة تدريبية أخرى، وإذا كان مشاهدة محادثات تيد TED Talks لا يعني لك الكثير فيمكنك استبدالها بمشاهدة دروس سريعة Tutorials عما تريد القيام به أو تعلمه.

أيضاً هل سيحتاج إنهاء الكتاب إلى أكثر من شهر؟ لا بأس! هل دورة تدريبية واحدة ليست كافية بالنسبة لك شهرياً؟ لا بأس أيضاً قم بإضافة واحدة أخرى -ولكن لا تقسُ على نفسك- تذكر أنه في تلك الخطة أنت تتحكم تمامًا في عاداتك التعليمية والعملية، ولكن تذكر دائماً بأن الهدف منها هو تحقيق التوازن بين العمل والتعلم.

وأيضاً يجب أن تقوم بضبط النسب حسب طبيعة عملك، فإذا كنت تعمل كثيراً أنصحك بزيادة تلك النسب قليلاً، مثل أن تقرأ كتابين بدلاً من كتاب، أو تشاهد دورتين تدريبيتين بدلاً من دورة واحدة.

حتى يساعدك هذا الأمر في العمل أقل، واكتساب المزيد من المعرفة والخبرات التي ستساعدك على العمل بشكل أفضل، والتي لم تكن لتكتسبها إذا كنت تعمل طوال الوقت .

وهو ما أفعله شخصياً فسترى بأن قائمتي لهذا الشهر تحتوي على دورتين تدريبيتين، واحدة تستغرق 36 دقيقة والأخرى 58 دقيقة وهو ما يعني 6-10 ساعات بعد تطبيق محتويات الدورتين تقريباً بعد توزيعهم على أيام الشهر، وهذا لأنني بحاجة إلى اكتساب هاتين المهارتين في الوقت الحالي.

أعلم أن لكل شخص ظروفه الخاصة، وأيضاً طريقته المفضلة في العمل والتعلم، وبالتأكيد لا يوجد قاعدة يمكن تطبيقها على الجميع على حد سواء، بمختلف ظروف عملهم وحياتهم، ولهذا أقول بأن معظم ما ستقرأه عن التوازن بين العمل والحياة هو كلام نظري فقط، ولم أنشئ تلك الخطة لتصبح كذلك!

لهذا أنصحك بأن تكون أكثر مرونة في التعامل مع تلك الخطة، فقد تصبح 4*1 أو حتى 5*1 الأمر يتوقف بالكامل عليك، وفقاً لظروفك الحالية ومقدار ما تقوم به من عمل.

تذكر أنه لم يتم إنشاء هذه الخطة لتناسب الجميع، لذا كن مرنًا. يمكنك تغيير الأرقام وفقًا لظروفك واحتياجاتك وقدراتك أيضاً.

بالنسبة لي فأنا أقوم كل شهر بتحديد تلك الأرقام وفق أهدافي وإمكانياتي أيضاً، لكن في مطلق الأحوال أحرص على أن تساعدني في الوصول إلى ما أدعوه النسبة الذهبية وهي أن أعمل 50% وأتعلم 50% لأن هذا ما يجعلني أكثر إنتاجاً حين أعمل وأكثر معرفة حين لا أعمل.

ملاحظة : هذه الفكرة موجوه أصلاً وإسمها الخطة 5*4 للتوازن بين العمل والتعلم ولاكنى أخذتها وطبقتها وفى هذه المقالة خلاصة تجربتى بشكل عام .
عن الموضوع

التعليقات (13)

منذ 3 سنوات و9 أشهر
ملاحظة : هذه الفكرة موجوه أصلاً وإسمها الخطة 5*4 للتوازن بين العمل والتعلم ولاكنى أخذتها وطبقتها وفى هذه المقالة خلاصة تجربتى بشكل عام .
منذ 3 سنوات و9 أشهر
شكرا على مجهوداتك أخي
منذ 3 سنوات و9 أشهر
شكرا جزيلا انا كمبتدئة في الفريلانس اعتقد ان هذا التوازن هو ما احتاجه بالتأكيد
منذ 3 سنوات و9 أشهر
شكراً على مرورك MiinTb

روان محمد عبدالرحمن | فعلاً ولذلك فيه العديد من الكورسات التى تشرح الموضوع واتمنى أن تبحثى عنها لتستفادى .
منذ 3 سنوات و9 أشهر
موضوع رائع اخ, و يستحق القراءة
شكرا لك
منذ 3 سنوات و9 أشهر
Salah_nt

شكراً على إهتمامك وتعليقك .
منذ 3 سنوات و9 أشهر
مشكور علي المقالة
منذ 3 سنوات و9 أشهر
شكرا لك صديقي
منذ 3 سنوات و9 أشهر
شكرا

ner423
ethane
منذ 3 سنوات و9 أشهر
جزاك الله خيرا وشكرا على مجهودك في الكتابة
منذ 3 سنوات و9 أشهر
Moenis_734 لاشكر على واجب
منذ 3 سنوات و9 أشهر
شكراااا كثيرا على هذه النصائح مررت تكرارا بهذه التجارب صراحة وكنت أتوقف وأعود ثم بعذلك أتوقف وهو ماجعلني أخسر الكثير من الوقت حتى أحقق مكاسب من مواقع العمل الحر
سأجرب هذه الطريقة وسوف أرى.
شكراا على مجهودك القيم.وأتمنى لك التوفيق
منذ 3 سنوات و9 أشهر
SABAHHDAFA لاشكر على واجب وانا سعيد جداً أن المقالة أعجبتك وإنشاء اللة سأنشر يومياً مواضيع عن العمل الحر بشكل عام وهذا حتى يستفاد الجميع .
عن الموضوع