إن موقعا عربيا رائعا مثل خمسات ، يلتقي فيه مقدمو الخدمات والراغبون فيها ، لهو أنسب مكان لنذكركم فيه بهذا الكنز المنسي

من واقع تجربة شخصية ، يمكنك الاطلاع على شيء منها إذا كتبت (الفارس المكي) على محركات البحث ، جربت أن أتحدث مع الناس باللغة العربية الفصحى ، بدأت بمواقع التواصل على حساباتي الشخصية ، ثم ثنيت بالحديث في الشوارع ووسائل التنقل ، ثم ثلثت بأن ارتديت زي فارس ونزلت إلى الشارع ، ورصدت ردود الأفعال .

يمكنني أن أقول بثقة مطلقة : إن كل هذه التجارب لم تزدني إلا يقينا بأن اللغة العربية الفصيحة طريق لقلوب الناس ، إذا ما قدمت لهم بشكل تلقائي محبب ، مبسط غير مقعد ، وعميق غير مسطح .

هذا يصدق على الكتابة ، إن الكاتب الذي يكتب بعاميته ، أيا كانت هذه العامية ، يحجم نفسه في جمهور البلد الذي يتحدث هذه العامية ، بينما كاتب الفصحى يصل بجمهوره إلى أبعد مدى ممكن ، فمداه يشمل كل متحدث بالعربية على وجه الأرض ، وربما في الفضاء كذلك ، إن كان هناك .

هذا يصدق على التحدث والكلام ، أقوى القنوات الناطقة بالعربية لا ترضى عن الفصحى بديلا ، لأنها لغة جامعة جاذبة ، بل إن دبلجة الكرتون بالعربية تمنحه سحرا لا يقاومه الأطفال ، بل تذكر الباحثة (نيلوفر حائري) في كتابها : (لغة عظيمة وأمة عادية) أن اللغة الفصيحة هي المفضلة لدى 87% من عينة عشوائية من المسيحيين المصريين ، لدى سؤالهم عن اللغة المفضلة لهم في الابتهالات الدينية والترانيم ، وأنها تشعرهم أكثر بجلال النص وعظمته

رغم كل هذا ، وغيره ، تجدنا نحن متحدثي العربية ، أغلبنا أبعد ما يكون عن المستوى الراقي الفصيح منها ، مستبدلين الذي هو أدنى بالذي هو خير ، وراغبين عن الذهب إلى الخشب المتآكل .

تجد مظاهر هذا واضحة في الكتابة : إن المدقق اللغوي لاذي يفترض أنه يصحح بعض ما سها فيه الكاتب ، تجده أحيانا يعيد كتابة النصوص التي يصححها كاملة ، إذ إنها أخطاء جاء فيها نص ، وليست نصا جاءت فيه أخطاء .

تجده كذلك في الحديث ، تحديت 26 معلما ومعلما للغة العربية ، في أن يتحدثوا بالفصحى دقيقة واحدة دون خطأ ، مع إعطائهم فرصة يوم كامل لتحضيرها ، فاجتاز هذا التحدي اثنان منهم ، ورسب الباقون ، ونشرت هذا التحدي على صفحتي في فيس بوك ، فلم ينجح أحد حتى الآن

إني من خلال مقالي البسيط هذا ، أقدمها رسالة لي ولكل مثقف واع : أنت اللغة ، هي هويتك وثقافتك ، هي وعاء الهوية والثقافة ، وهي كذلك كنز يصل بك لتحقيق مكاسب متميزة ، فاحرص على تعلمها كتابة وتحدثا وقراء ، فما ذلك بعسير أبدا ، وليس سوى أن تريد

بالمناسبة ، هذا التحدي موجه لك ، هل تستطيع تقديم دقيقة واحدة من تأليفك بالعربية الفصحى دون أن تخطئ ؟

الإجابة لك أنت

كتبه : عبد الرحمن المكي
بالقاهرة
في الثالث عشر من ديسمبر 2016
عن الموضوع

التعليقات (6)

منذ 7 سنوات و4 أشهر
السلام عليكم
مقالة ممتازة أخي الكريم وموضوعها راق صحيح كم نفتقر للغة العربية الفصحى وكم احقرناها رغم أنهم كانوا قديماً غير الأعراب يستعملون بعض الكلمات العربية ليبينو أنهم أهل علم والآن أصبح العكس فتجد العرب وخاصة منهم أهل العلم ينطقون بكلمات من لغات أخر ليبينوا أنهم مثقفون وللحديث بقية
شكراً أخي الكريم مجدداً على المقال ولك مني كل التقدير والإحترام
منذ 7 سنوات و4 أشهر
فعلا للغة العربية سحر انا شخصيا لا استطيع مقاومته واخفاء اعجابي به.. احيي كل من يلتزم باللغة العربية الفصحى و يحييها ويسعى لنشرها واكثر ممن يجذبونني هم اليوتيوبرز الذين يسعون لأن تكون كل فيديوهاتهم بالفصحى فلا نعرف جنسيتهم الا بعد الاطلاع على سيرتهم. فلنحيي لغة الضاد لغة نبينا الكريم
منذ 7 سنوات و4 أشهر
مقالة رائعة ، أعجبَتني " وليس سوى أن تريد". ذكرتني بقصيدة لا تـُصالح.

فعلاً اللغة العربية لها جاذبية و رونق يتجدد عبر الزمن.
منذ 7 سنوات و4 أشهر
اللغة العربية بلغت ما بلغته قديما أما الآن, فحالها تغير بتغير أحوال أهلها, والدليل توقف أقلام العربيين عن تأليف المعاجم, بينا اللغات الأخرى يؤلف لها كل سنة معجما...
مقالة جميلة :)
منذ 7 سنوات و4 أشهر
أخي يبدو أنك اما تدرس او خريج كلية دار العلوم (لاجلالك لهذه اللغة)
واعجبني قولك " إذ إنها أخطاء جاء فيها نص ، وليست نصا جاءت فيه أخطاء . " لقد استخدمت جمال العربية في التعبير عن الوضع بوضوح.

@maria dihaz هل فعلاً ما تقولين
منذ 7 سنوات و4 أشهر
الأستاذ / عبد الرحمن المكي

بعد التحية

اللغة العربية هي هويَّتنا وثقافتنا التي يجب أن نعتز بها كما أنها مُعترَف بها من الأمم المُتحِدة .

علينا أيضًا أن نحرص على تعلم اللغات الأجنبية لأن تعلم لغة أجنبية يُعَد جسرًا للتواصل بين ثقافات مختلفة .

مع فائق شكري وتقديري لموضوعك المُميَّز كما أتمنى المزيد .
عن الموضوع