1222 خدمة، وخمس سنوات من الإنجاز!
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمود قحطان، مُهندسٌ معماريٌّ وشاعر نشرتُ ثلاثة دواوين شعريّة.
في سنةِ 2008 عُرِّضتُ إلى حادثٍ مُروريٍّ أدّى إلى شللٍ نصفيٍّ دائم؛ ومعَ مُعاناتي النَّفسيّة وتمزُّقِي وألمي جرَّاء ذلك الحادث؛ إلَّا أنَّني اقتنعتُ أنَّ ما انتهيتُ إليهِ لا يُعَالجُ بالتَّواري والهروب، وإنَّما بالمواجهةِ الكاملة؛ لذلك آمنتُ أنّ ما أخذهُ الله سيُعيدهُ لي خيرًا كثيرًا.
في ذلك الوقت فكّرتُ في مُستقبلي وكيف سأُديرهُ لأعيش، فأنشأتُ موقعي الخاص لعرض أشعاري ودروسي في الكتابةِ الإبداعيّة والتّدقيق اللّغوي، إضافةً إلى عرض تصاميمي المعماريّة. ثمّ تطوّر الأمر واستفدتُ من وقتي بطريقةٍ جيّدةٍ من طريق تسجيل دروسٍ مرئيّة مجّانيّة وغير مجّانيّة؛ أشرحُ فيها بعض برامج التّصميم والإظهار المعماري؛ ما ضَمِنَ لي الرّيادة في بعضها.
معَ ذكرتهُ آنفًا ظلّت هناك حاجة إلى البحثِ عن طريقةٍ إضافيّةٍ للكسبِ الماديّ. حينئذٍ، كنتُ أتردّدُ على بعض المدوّنات وكان من ضمنها «مدوّنة شبايك»، وهناك تعرّفتُ إلى خمسات. أنشأتُ حسابًا فيه من باب التّجربة إلّا أنّني لم أهتمّ بهِ وقتئذٍ.
بعد بيعهِ إلى حسوب قرّرتُ الاهتمام بحسابي والتّفكير فيما يُمكنُ تقديمه، وأجيده.
بعد بحثٍ في الموقعِ لم أجدْ شيئًا حول التّدقيق اللّغوي؛ ولأنّني تدرّبتُ مع مُدقّقين لُغويّين مُخضرمين، وأعملُ معَ عددٍ من دور النّشرِ، أنشأتُ أوّل خدمة تدقيق لغوي في موقع خمسات، تلك الخدمة الّتي كرّرها كثيرون بعدي وبسبب انتشارها أنشأ موقع خمسات قسمًا جديدًا لهذا النّوع من الخِدمات أسماه «خدمات تدقيق لغوي»، ثُمّ أضفتُ خدمةً أخرى في الكتابةِ على برنامج الوورد Microsoft Word نظرًا لخبرتي الطّويلة في تنسيق الأبحاث ورسائل الماجستير والدّكتوراه وإنتاج الكتب.
لأنّني أوّل من بدأ بهذا النّوع من الخِدمات، وهي خدمة جديدة على مُعظم النّاس؛ كانت مبيعاتي (عالية) عندئذٍ، وعُملائي من أدباء هذه الأرض ومُثقّفيها الّذين يعرفون قيمة هذا العلم. نافستُ على الأكثر مبيعًا وكسرتُ قاعدة احتكار مُقدّمي (خِدمات المواقع والتّسويق والإعجابات والتّصميم...) المراكز الأولى.
https://khamsat.com/community/stories/10995
أدركتُ حينئذٍ أنّه لتكون الأعلى مبيعًا لا يعني أن تسيرَ في الطّريقِ نفسه الّذي سبَقك إليه الآخرون.
أن تتمكّن من بيع (1222) خدمة في مجال التّدقيق اللّغوي فحسب، من دون الاعتمادِ على خِدْماتٍ جانبيّةٍ أخرى ذات الصّيت العالي والكثافة الشّرائيّة المُرتفعة، هو إنجازٌ كبير بلا أدنى شك يحقّ لك أن تفخرَ به.
صحيح أنّ عدد الخِدْمات مُقابلة بعدد السّنوات يُعدّ رقمًا صغيرًا، خاصّةً وأنّ مُقدّمي خدمات المواقع باعوا أكثر من هذا العدد في سنةٍ أو سنتين؛ ولكنّني أعلمُ جيّدًا أنّ خدمتي من الخِدمات النّادرة والنّخبويّة، ومن الخدمات الّتي لا يُقبل عليها سوى المثقّفين الّذين يعرفون قيمة اللّغة العربيّة. إضافةً إلى أنّني لا أجدُ حرجًا من المُنافسة، فالعمل الجيّد يفرضُ نفسه ويُعلنُ عن قدراته. أنا لستُ من أتباع «خطأ شائع خير من صوابٍ مهجور»، ولستُ من الّذين يكتفونَ بنجاحٍ واحد، فلا يمرّ يوم إلّا وأتعلّمُ شيئًا جديدًا في لغتي الّتي لا يُحيطُ بها سوى نبيّ. ما زلتُ أخطئ، وما زلتُ أتعلّم، وهذه هي المُعادلة الّتي يستخدمها النّاجحون: الخطأ يصقلُ التّجربة ويُنمّيها. إضافةً إلى أنّني كاتبٌ، ولا يمرّ أسبوع من دون كتابة موضوعٍ جديد في موقعي، تعني الكتابةُ المُستمرّة تعاملًا دائمًا مع اللّغة، ولأنّني شاعرٌ أكتبُ جميع أنواع الشّعر من قصيدة عموديّة وتفعيلة ونثر، وأدرِّسُ أساسيّات الشّعر وتقنيّاته وأساليب الكتابة الإبداعيّة؛ أصبحتِ القصيدة والكتابة عجينة سهلة بين يديّ.
خمسات هو فكرةٌ صغيرةٌ أصبحت كيانًا كبيرًا، وهو كأيّ مكانٍ للعمل، يجمعُ عددًا من الموظّفين والعُملاء، الفرق أنّه بوساطة شبكة المعلومات (الإنترنت)؛ لذلك علّمني أنّني سأفشلُ –حتمًا- إذا كان همّي الوحيد هو إرضاء كلّ عميل بأيّ طريقة كانت. تعلّمتُ أنّ النّاسَ تنسى سرعة أدائك لعملك وجودته ويتذكّرون ما أنجزته فحسب. تعلّمتُ أنّ إخفاقي مع عميلٍ لا يعني عدم استفادتي من التّجربة. تعلّمتُ أن أتحدّث عن عملي لأنّ استعراضك بما تملكه من مهاراتٍ يُساعدك على الوصول إلى الأعلى بسرعة. تعلّمتُ بعض المهارات الإداريّة والاجتماعيّة. تعلّمتُ أن أكونَ جادًّا في عملي لأترك انطباعًا جيّدًا لدى النّاس.
أمّا المُجاملة، ومُحاولة تقديم أكثر ممّا تحتاجُ إليه الخدمة لكسب العميل وإغرائه يُجهدكَ ويأخذ من وقتك وأنتَ غير ملزم بذلك؛ ولكن البائع -في الغالب- يُريدُ أن يظهرَ في أفضل صورةٍ إزاء العميل، من هنا قد لا يبدو هذا الأمر من الأخطاء وإنّما هو التزام ذاتي بالتّفوّق؛ ولكنّني أخشى أن يتحوّل هذا الالتزام إلى جزءٍ من المسؤوليّات الّتي تُطالب بها في كلّ مرّة؛ فيزيد الضّغط ويقلّ الإنتاج.
تظلُّ الأمانة والصّدق مع النّفسِ من عوامل الاستمرار المُهمّة، كيف يثِقُ المُشتري في بائعٍ لم يُجهد نفسه أو عقله لكتابة مُحتوى خاص به؟! أكرهُ عندما تُلجئني الضّرورة إلى التّبليغ عن مُقدّم خدمة جديد لم يكتفِ بنقشِ مُحتوى خدمتي فحسب، بل إنّ بعضهم –بسبب ذكائهم- يستخدم صورة الخدمة نفسها الّتي أستخدمها وعليها اسمي وشعاري!
أخيرًا، خمسات للخدمات المُصغّرة، يُشجّع على انضمام الشّباب وغيرهم للاستفادة من مهاراتهم وقدراتهم بتحقيق عائدٍ ماديّ يُسهم في تحسين أوضاعهم ولو جزئيًّا؛ لذلك اعرض ما لديك وانتظر التّوفيق من الله، أي: انتظر رزقك، واصبر، فلا توجد نصائح فوريّة وسريعة لزيادة المبيعات، كلّها اجتهادات وأفكار إداريّة محفوظة تصلح لأيّ نوعٍ من الأعمال.
شُكرًا لآل خمسات على إتاحةِ الفرصة لي ولغيري للحديثِ عن تجربتهم وعرض مهاراتهم ومواهبهم.
أرجو الخير والازدهار لكم جميعًا، وفّقكم الله.
#محمود_قحطان،
التعليقات (65)
آخر المساهمات
