العنوان: الهزيمة من الداخل

جيريمي دينتون كان طيارا بحريا أسقطت طائرته واعتقله الجيش الفيتنامي عام ١٩٦٥
استمر كقائد لرفاقه الأسرى طول فترة سجنه واستُخدمت عليهم شتى أساليب التعذيب والتجويع ومحاولات الإخضاع النفسي
وكان دائما ما يتعرض للحبس الإنفرادي لمحاولاته إقناع السجناء الآخرين بمقاومة الإدلاء بمعلومات لمن يعذبونهم
ثم ابتكر سبلا للتواصل مع السجناء الآخرين عبر الإشارات والنقر على الحيطان والكحة بشكل متواصل
واستطاع تسريب معلومات للخارج عن كونه هو ورفاقه يتعرضون للتعذيب وذلك لكي تضغط سفارتهم بشكل أكبر لتحريرهم
وبعد سبع سنوات كاملة تم إطلاق سراحه
وصرّح في أول خطاب له بعد نيل حريته "نحن نتشرف باستطاعتنا خدمة بلادنا تحت ظروف قاسية. ونحن ممتنون بعمق لرئيسنا الأعلى ولشعبنا في هذا اليوم"
وعام ١٩٧٧ تم اختياره كسيناتور لولاية ألاباما.

هل يمكنك ان تتخيل ماذا كان سيحدث لصحته النفسية لو انه اشتكى كل يوم من القهر الذي يتعرض له ورثى لحاله؟
وماذا كان سيحدث لو أنه حين خرج شعر بالأسى للسنين التي ضاعت دون أن يقضيها مع عائلته؟
بالتأكيد كان ليشعر بأن الحياة ظلمته وبأنها مدينة له بتعويض
لكن ما حدث هو العكس، وإيجابيته في التعاطي مع موقفه جعلت النتيجة النهائية في صالحه وفي صالح تنمية شخصيته القيادية
ما يعني أنه اتخذ "عقلية المبادرة"
والمعاكس لها تماما هي "عقلية الضحية"
والتي تعني رثاء الذات والشعور بالإنكسار
والتي كثيرا ما نغرق فيها دون وعي منا
وخلاصتها "أنا لست قادرا على تغيير واقعي، وأنتظر أن يغيره شخص آخر"

ولكن لماذا يحدث ذلك؟
لماذا لا نفكر دوما بعقلية المبادرة حين نواجه الصعوبات؟
ولماذا الغرق في السلبية يكون أسهل على معظم الناس؟
السبب هو...لأن هذه الطريقة في التفكير تعطي إحساسا خادعا بالراحة النفسية
لأنك "كضحية" بحاجة الى التعاطف والمساعدة من قبل من حولك
ولست مطالبا بالنهوض
فالضحايا ليسوا مطالبين بإيجاد الحلول
بل مطالبون فقط بالشفاء
هكذا تقنعك نفسك.
إنه هروب مؤقت من تحمل المسئولية
وللأسف...يمكن للمؤقت أن يتحول الى عادة
ويمكن للعادة أن تصبح جزءا من الشخصية
لذا ترى من اعتاد على الشكوى يواصل شكواه حتى بعد أن تتحسن حاله
ومن اعتاد المبادرة، يبادر بكل الأحوال.

إن كسر هذه الدائرة يبدأ أولا بالاعتراف بأنك لست ضحية
نعم لقد مررت بظروف صعبة
نعم لقد تعرضت للظلم
ونعم لقد تم الإستهتار بأحلامك حتى كدت تنساها
ولكن الحقيقة هي...أنك ما زلت قادرا على الفعل
والأزمات هي جزء من التجارب التي يجب على كل شخص أن يمر بها
والاصطدام بالواقع ليس تجربة استثنائية
رغم أننا نحب اتخاذه كعذر

وعلينا أن نتذكر أن كلا صاحبي عقلية المبادرة وعقلية الضحية يمكن أن يمرا بنفس الأزمة والظروف، لكن التعاطي المختلف يجعلهما تجربتين على النقيض من بعضهما
فالأول يمر بتجربة نمو وتعلم، لكن الثاني يمر بتجربة دمار ذاتي.

وأخيراً...تخيل للحظة لو أن مجتمعنا بأسره اختار السير على نهج المبادرة، ألن يختلف الكثير؟
عن الموضوع

التعليقات (7)

منذ 3 سنوات و6 أشهر
كلام عميق
شكرا لمشاركتنا هذه الروعه
منذ 3 سنوات و6 أشهر
روعة ربنا يوفقك
منذ 3 سنوات و6 أشهر
جميل أختي وفقك الباري
منذ 3 سنوات و6 أشهر
ممتاز...
لكن انتبهي إلى أدوات الترقيم، فهي تعطي المقال قيمة، وتريح القارئ للمقال، بحيث يستريح عند الفاصلة، ويتوقف عند النقطة، ويستفسر عن النقطتين...
فحاولي الإنتباه لهذه المسألة .. وفقكي الله
منذ 3 سنوات و6 أشهر
*عند النقطتين
منذ 3 سنوات و6 أشهر
جميل أختي وفقك الباري
منذ 3 سنوات و6 أشهر
شكرا على ملاحظاتكم وتشجيعكم الجميل
أسعدتموني جدا
عن الموضوع