مرحباً أعزائي .. أحببت مشاركتكم مقالاً كتبه لأحد زبائني حول كتاب "فلاسفة في حسائي" .. للكاتب الجميل أحمد خالد توفيق .. فأتحفوني بآرائكم.

عنوان المقال: مشكلاتنا العاطفية.. هل تداويها الفلسفة؟

نص المقال:

كيف تتجاوز المرأة تجربة الطلاق؟
وهل بإمكان الفلسفة انتشال الإنسان من مشكلاته العاطفية؟
ولماذا نلتمس الفلاسفة لفهم ذواتنا وتفسير الحياة من حولنا؟

كتاب "فلاسفة في حسائي" هو أحد روايات فانتازيا الخيال العلمي للكاتب المصري أحمد خالد توفيق، الذي يعرض فيه نبذة عن آراء بعض الفلاسفة بدءاً من الفلسفة اليونانية وأبرز رموزها سقراط وأفلاطون وأرسطو، والفلسفة الألمانية بروداها نيتشه وشوبنهاور وهيجل وصولاً إلى الفلسفة الفرنسية وأعلامها أمثال سارتر وكامو وغيرهم.

ويقدم توفيق أفكار الفلاسفة بقالب روائي جذاب من خلال قصة عبير المرأة التي تصاب بحالة إحباط بعد طلاقها من زوجها شريف، فيأخذها الكاتب في رحلة فلسفية مع أشهر الفلاسفة في محاولة للإجابة عن سؤال حول دور الفلسفة في مواجهة مصاعب الحياة ومشكلاتنا العاطفية، إضافة إلى استعراض أهم آراء الفلاسفة في مختلف جوانب الحياة.

في ذاك النهار من شهر أكتوبر وبعد ساعات من الإحساس بالكآبة إثر طلاق عبير من شريف تجاسرت وفتحت ذاك الجهاز الجاثم كالكابوس في حجرتها، وحيدة في الظلام وقد نام الجميع، ضغطت على المفاتيح بيد مترددة، جولة سريعة في عالم الفانتازيا لن تؤذي أحداً، بانتظارها مرشدٌ مهمته توجيهها وإيصالها إلى باب حديدي كُتبت عليه عبارة يونانية "نادي الفلاسفة الغربيين"، دلفت إلى ذاك النادي الفانتازي للقاء الفلاسفة واحداً تلو الآخر في محاولة لتكوين فلسفتها الخاصة، وفي نهاية الجولة عليها أن تخضع لامتحان، إن نجحت فيه تحقَّق مُرادها، وإن فشلت فعليها أن تبقى في ذاك العالم الخيالي للأبد.

وما إن دخلت حتى بادرها سقراط رئيس النادي بالسؤال: "أنتِ تبحثين عن السعادة، فما هي السعادة؟"
ردَّت في غيظ: "ظننتك ستخبرني بهذا....!"
قال باسماً: "أنا لا أقدم الإجابات، بل أطرح أسئلة تحفز الناس على التفكير... فلسفتي هي أن على الناس أن يفكروا ولا يقبلوا المسلمات"، لكنها تعلمت منذ السنة الأولى الابتدائية أن الإجابات جاهزة في الكتب، لهذا تساءلت: "من أنا لكي أبحث عن إجاباتي الخاصة؟"

كان سقراط أحكم أهل زمانه، قال مرة: "أنا جاهل مثلكم ولا أعرف شيئاً، لكني على الأقل أعرف مدى جهلي بينما أنتم لا تعرفون، هذا بالفعل يجعلني الأكثر حكمة!". لكنه اتُّهم لاحقاً بإفساد الشباب وحُكم عليه بالإعدام، فاختار أن يتجرَّع السُمَّ طواعية عوضَ أن يتخلى عن أفكاره وينجو، ليغدو بذلك شهيد الفلسفة الأول.

صادفت عبير بعد تلك المأساة أحد تلامذة أفلاطون فنصحها أن تتنكر على هيئة شاب ليقبلها أستاذهُ شديدُ الكره للنساء في أكاديميته، تعلَّمت من أفلاطون "أن المجتمع لن يتحسن ما لم يحصل الفلاسفة على سلطة سياسية، أو يصبح السياسيون فلاسفة"- "وأننا نعيش في كهف، وما نراه على جدران هذا الكهف هو ظلال الحقائق، فقط الفيلسوف هو من يستطيع اختراق هذا الكهف ليرى الحقيقة!"

لمَّا التقت أرسطو سألته: "أيها المعلم، لقد تخلى عني من أحببت بلا سبب واضح، فقط لأنني أنا، كيف أجد في الفلسفة عزاء عن شيء كهذا؟"
أجابها: "حين تموتين ستدور روحك السامية للأبد بين النجوم، أليس هذا عزاء كافياً؟ إن الروح البشرية هي أعلى شيء في الكون... والقواعد الأخلاقية تقودنا إلى حياة أسعد وأكثر اكتمالاً... لا قيمة لفن غير ممتع".

واصلت عبير جولتها الفانتازية فَدَنَتْ من بروتاجوراس أهم فلاسفة السفسطائية حين قال له أحد الواقفين: "لو لم توجد البراغيث لما وجدت كلمة "قذارة"... لو لم توجد قذارة لما صارت هناك ضرورة للنظافة من الأصل".
فرد الفيلسوف ضاحكاً: "البراغيث لا أهمية لها ومن دونها يصير الكون أفضل، لولا المرض ما وجد العلاج، لكن لماذا وجد المرض أصلاً؟"

هتفت عبير في غيظ: "ما هذه السفسطة؟" وبعد أن غادرت الساحة التقت أبيقور فأخبرها "أن الهدف الوحيد للحياة هو الحصول على أكبر قدر من اللذة"، على النقيض منه حدَّثها الرواقيون "أن اللامبالاة هي الحل، لا ألم ولا فرحة ولا رغبة"، لكنها لم تحب فلسفتهم كثيراً وفضلت البحث عن خيار آخر، فهل تسمع الموسيقا وتُغرق آلامها في رقم (عشرة)؟! كما يعتقد الفيثاغوريون "أن السبيل الوحيد لتطهير النفس هو دراسة الموسيقا والرياضيات"، أم تُراها تعيش في برميل وتعوي كالكلب؟! لأن الكلبيين يرون "أن حياة الكلب هي المثل الأعلى... الكلب سعيد راض بحاله وكذا يجب أن يكون الإنسان"، أو تسير على نهج نيتشه وشوبنهاور في نظرتهما الخاصة تجاه المرأة والحياة والتي لم تَرُقْ لها؟!

فهل يا ترى ستظل عبير حبيسة عالم الفانتازيا ذاك أم أنها ستجتاز الاختبار وتعود إلى واقعها أكثر قوة؟ وما هي الفلسفة التي خرجت بها بعد كل هذا؟

نهاية مثيرة، عبقرية وغير متوقعة، بانتظار القارئ الذي سيطوف به أحمد خالد توفيق في جولة سريعة مشوقة في عالم الفلسفة والفلاسفة الذي يبدو في العادة عصيَّاً على الفهم بأسلوبه الساخر مسترشداً بما قاله آينشتاين: "إذا لم تستطع شرح فكرتك لطفل عمره 6 أعوام، فأنت نفسك لم تفهمها بعد".
عن الموضوع

التعليقات (8)

منذ 5 سنوات وشهر
مقال جميل جدا .
وفكرة الرواية تذكرني بأول عمل قصصي من هذا النوع عرفه العرب وسار على دربه ونهجه كثير من المؤلفين العرب والأجانب ، وهي رسالة التوابع والزوابع لابن شهيد الأندلسي الذي ذهب مع قرينه لرؤية قرناء الشعراء في الجنة أو النار .
اللغة و الأسلوب جميلة جدا .

لي تعليق بسيط التنوين لا يرسم على الألف فمن المعلوم ان الألف حرف ساكن لا يقبل الحركة .
الصواب رسمه قبل الألف ، ويمكنك الرجوع للمصحف ستجده مكتوبا كذاك أو حتى كتب الإملاء المتخصصة .

بالتوفيق لك .
منذ 5 سنوات وشهر
شكراً لك على المشاركة القيمة إسراء .. بالنسبة للتنوين .. ناقشت الأمر عدة مرات مع أساتذة مختصين في اللغة العربية .. متعارف عليه ومقبول به في بلاد الشام وضع التنوين على الألف وهذا متبع منذ أمد بعيد "نزار قباني" "ومحمود درويش" وكبار الكتاب والشعراء يفعلون ذلك في جميع كتاباتهم .. ولو كان من الخطأ رسم التنوين على الألف .. لكان أجدر بشاعر عظيم كنزار قباني ومحمود دوريش ومن شاكلهما ألا يفعلوا ذلك .. وأنا كسوري الأصل أسير على نهجهم .. وقد قرأت الكثير من الموضوعات حول هذا الأمر وهو جائز .. وإلى يومنا هذا .. ما يزال البعض يضعون التنوين قبل الألف .. وآخرون يضعونه على الألف .. أما بخصوص رسم المصحف .. فكما تعلمين نحن نكتب كثيراً من الألفاظ والعبارات بطريقة لا تتطابق مع رسم القرآن الكريم .. فالمصحف الشريف ورغم أنه المرجع الأساسي لقواعد اللغة وهو أساس العربية الفصحى .. لكنه في المقابل يتفرُّد عن سائر النصوص العربية برسم حروفه وغير ذلك.
تحياتي.
منذ 5 سنوات وشهر
للتوضيح أكثر أنقل لك هذا النص بخصوص التنوين:
هل نرسم تنوين الفتح المتبوع بألف الإطلاق على الألف أم على الحرف السابق للألف؟
بصيغة أخرى: هل نكتب “كتابًا” أم “كتاباً”؟ “أملًا” أم “أملاً”؟ “طريقًا” أم “طريقاً”؟
الحقيقة أنه توجَد مدرستان لهذا الأمر، فتجد أن أهل الشام يرسمون تنوين الفتح على الألف، وأهل مصر والحجاز يرسمونه على الحرف السابق للألف، فأيهما أدقّ؟
لا أحد يملك الحقيقة في هذا الأمر، بل هي وجهات نظر وآراء، بعضها قد يُقنِعك وبعضها قد لا يفعل.
منذ 5 سنوات وشهر
بالطبع فإن هناك بعض الفروق بين كتابة مصر والشام مصل كلمة مائة ومئة وغيرها . ....
ومع احترامي لجميع من ذكرت من الشعراء فهم معاصرين ولا يمكن الاحتجاج بهم لتقعيد اللغة ، إن كان العلماء رفضوا الاحتجاج بشعر المتنبي وغيره من العباسين ، وبعضهم رفض الاحتحاج بشعر الفرزدق ؛ بسبب تطرق اللحن لهذا العصر واختلاطهم بالموالي .
ومعلوم وجود ضرورات شعرية.
وما دام الأمر فيها خلافا-لم اعرفه إلا الان - فالأمر في سعة .
منذ 5 سنوات وشهر
أعتذر عن الاخطاء لم أدقق قبل الإرسال
.
مثل
معاصرون
منذ 5 سنوات وشهر
لا باس إسراء كلنا نرتكب الأخطاء خاصة بسبب السرعة والكيبورد .. في الحقيقة خلافات كثيرة لم نجد لها حلاً نهائياً .. ولكل فريق حججه المنطقية .. لكن لا تظني أن نزار قباني ومحمود درويش وغيرهما لم يدرسا اللغة العربية وقواعدها .. بل إن كل واحد منهما مدرسة في اللغة .. أدعوك لقراءة كتاب أدبي لنزار قباني بعنوان "لعبت بإتقان وها هي مفاتيحي" .. وهو عبارة عن أجوبته الفذة على أسئلة طرحت عليه أثناء المقابلات .. كل إجابة تنمُّ عن عبقرية لغوية لا تُضاهى .. ربما هو خلاف يعطي تنوعاً ويضفي جمالاً على اللغة أو ببساطة هو خلاف يحتاج إلى حل نهائي ورغم ذلك نتقاعس عن وضع حل له .. طوال حياتي كنت وما أزال أرغب أن أكتب بلغة عربية سليمة تماماً .. وأن أتعلم كل يوم أكثر وأكثر حول لغتنا الجميلة .. وإلى اليوم هناك عشرات الأخطاء اللغوية الشائعة التي أصبحت جزءاً من كتاباتنا المقبولة في الأوساط جميعها .. لكنها تخالف العربية كما عهدها العرب قديماً .. فهل ذلك تطوير للغة؟ أم ماذا؟
منذ 5 سنوات وشهر
شكرا جزيلا لك
سأسبحث عن الكتاب بإذن الله .
الخلافات قديمة ولكن كل شخص يسير إما وفق مدرسة معينة أو وفق ما يرى أنه صحيح.
بالطبع لم أقصد التقليل من شأن نزار او محمود درويش ؛ولكن قررت حقيقة أنه لا يمكن الاحتجاج بهم ، وهذا ليس رأيي.
ولم اكتب تعليقي إلا لأني رأيت أن كتابتك مثالية ونادرا ما أرى ذلك فأحببت أن تكون على الوجه الأكمل .
وأخيرا أشكرك على هذا النقاش الذي أضاف لي معلومات لم أكن أعرفها .
منذ 5 سنوات وشهر
أهلاً وسهلاً بك إسراء..
أسعدني الحوار معك وأنا كذلك استفدت من هذا النقاش اللطيف..
كما يسعدني أن المقال نال استحسانك وتقديرك..
أتمنى لك في المقابل مزيداً من النجاح في حياتك الشخصية والعملية.
ودمت بألف خير.