تختلف استخدامات الفاسبوك، من شخص لآخر، باختلاف المستوى الفكري، و الطبيعة النفسية، ونوعية الثقافة المكتسبة، وأيضا الهدف المرجو من الإستخدام، والرؤية لهذا الإستخدام.
يمكننا أن نصف هذه الإستخدامات إلى ستة استخدامات:
1- الإستخدامات النرجسية.
2- الإستخدامات المرضية
3- الإستخدامات التشهيرية
4- الإستخدامات التحريفية
5- الإستخدامات التعبيرية
6- الإستخدامات التوعوية.
____
سنبدأ بالحديث عن الإستخدامات الأولى، المُتعلقة بالنرجسية، وهي استخدامات يعتمد فيها صاحبها على الصورة بشكل كبير. حيث أن الصورة هو الشيء الذي يتضمن جسد الشخص، حيث يتم تحويل الجسد من الواقع إلى الفايسبوك (مافوق الواقع) وهو تحويل يتضمن مراحل ثلاثة، تمر من مرحلة التصوير، ثم مرحلة التعديل، وبعدها مرحلة النشر.
المرحلة الأولى يتم خلالها تصوير جسد الشخص عن طريقة آلة التصوير، التي تلعب دورين هنا، دور المرآة، ودور تجميد الزمن، فالدور الأول، يتم تصور الصور الأولى كبداية لتحديد المكان المثال والموضعة المثالية، ,ايضا التأكد من هيئة الجسد، هل هي على ما يرام أم تحتاج لتعديل. أما الدور الثاني، فتحتفظ فيه الكاميرا باللقطة المراد نشرها على الفايسبوك. حيث يأخذ الجسد في الصورة المكان الأهم، وتكون الإضاءة مسلط ملفت للإنتباه.
المرحلة الثانية: تُنقل الصورة إلى الحاسوب، لتعديلها، عن طريق برنامج خاصة، حيث يتم زيادة الإضاءة إن كانت ناقصة، وأيضا نزع الشوائب التي قد تُضيع على الصورة رونقها المطلوب.
المرحلة الثالثة: وهي مرحلة النشر على الفايسبوك، وهي المرحلة الأخير، التي تُصبح الصورة مرئية لرواد هذا الموقع، فيكون دورهم هنا هو الضغط على زر الإعجاب أو كتابة تعليق عن الصورة. لكن السؤال الذي يُحير هنا هو ما الغرض من نشر الصورة على الفايسبوك؟
إن هذه الممارسة نابعة من نفسية مضطربة، تبحث عن اعتراف من الوسط. البحث عن الإعتراف ليس إشكال أو أمرا شاذا، فهذا البحث هو طبيعي في الأإنسان وله دور كبير في دفع عجلة التاريخ نحو الأمام، لكن الإشكال هنا، هو الوسيلة المستعلمة في هذا البحث، وهذه الوسيلة هي الجسد. فكيف ينظر هذا الشخص إلى جسده؟
ينظر هذا الشخص إلى جسده على أنه الوسيلة التي من خلالها سيقضي على النقص الذي يحس به في الواقع، فعدم اعتراف الناس به على أنه شخص يمتلك دورا في المجتمع، جعله يلتف إلى العالم الإفتراضي للبحث عن هذا الإعتراف، ولأنه يعاني من نقص في الإبداع الذي يُعتبر الوسيلة المشروعة للبحث عن الإعتراف، يلجأ صديقنا إلى جسده المُجمد في الصورة، والتي يقوم بنشرها على الفايسبوك. لكن هناك سؤال جد مهم : لماذا هذا الشخص متأكد بأن رواد العالم الإفتراضي سيعترفون بجسده عندما يضع صورته داخله؟ فلماذا لا يبحث عنه في العالم الواقعي مادام الجسد واحد؟
إن الحصول على الإعتراف من رواد العالم الإفتراضي أسهل من الحصول عليه من العالم الواقعي. ففي هذا العالم، يضطر الإنسان لمواجهة الآخر ليعترف به، أما في العالم الإفتراضي فلا يحتاج إلا لنشر صورته والإشارة إلى زملائه، وانتظار التفاعل بالإعجابات والتعاليق.
ثانيا اعتراف رواد العالم الإفتراضي بجسده، يكون عن طريق الضغط على زرالإعجاب أو عن طريق وضع تعليق، أما في العالم الواقعي، فالإعتراف يتم بالكلام وجها لوجه أو عن طريق رسالة مكتوبة، وهذا أصعب لأن الناس في الواقع تخجل من الإعتراف بجسد شخص ما، لهذا تتهرب من ذلك. أما في العالم الإفتراضي فزر الإعجاب أو تعليق بسيط (وهو ناذر) لا يُثير الإنتباه. أضف إلى ذلك أن العالم الواقعي يسهل فيه كشف كذب الشخص، في حين أن العالم الإفتراضي يصعب كشف الشخص إن كان حق معجبا بجسدك أم لا.
إذن حصول صديقنا على اشعارات من الإعجابات والتعليقات على جسده يُشعره براحة نفسية، تجعله يحس بأن له دور في الواقع، وهو إحساس واهم.
إذن تمحور صديقنا على جسده، يضعنا أمام حالة نفسية، تسمى بالنرجسية، ولأنها ترتبط بالفايسبوك ف "أسميها بالنرجسية الزرقاء". فهو معجب بجسده، ويزيد حصولها على إشعارات زر الإعجاب من تعميق هذا الإحساس، فيصبح جسده أهم ما لديه في حياته.
وكلما كان رواد الفايسبوك يتفاعلون مع صوره، إلا وأحس بمركزية ذاته، حتى أنه قد يجد من الإنحطاط أن يضغط على زر الإعجاب لصورة شخص ما، لأنه يحس بأنه أفضل منه، فيُصبح ضغطه على الزر من أجل شخص آخر أمرا ينزله من سمائه الوردية. فهو يشعر أنه فوق عرش أجمل جسد.
ولأنه في العالم الواقعي لا ينال هذا الإعتراف، فإنه يعيش شخصيتين متوترتين، شخصية راضية في العالم الأإفتراضي، وشخصية مضطربة في العالم الواقعي، لهذا يكون التهرب إلى الفايسبوك مهدئا نوعا ما، لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فبتوالي المدة الزمنية، سيُصبح صديقنا يشعر بالملل. (لا مكان لي هنا لأوضح لماذا يشعر المرأ بالملل، لكن يمكنني أن أضع مقالا لذلك).
______________
بقلم: #محمد_أمزيل
عن الموضوع

التعليقات (4)

منذ 6 سنوات و4 أشهر
معلومات رائعه استمر ...
منذ 6 سنوات و4 أشهر
صدقت اي ولله
منذ 6 سنوات و4 أشهر
تحياتي لكما
منذ 6 سنوات و4 أشهر
المقال جميل وهو رصد لظاهرة حقيقية للأسف .
فبالرغم من كوني أبغض الفلسفة وعلم النفس إلا أني لمست مقدرة على الكتابة الفلسفية النفسية .
عن الموضوع